لا… يا سيادة العميد
خبر.. وتعليق بقلم رئيس التحرير
الخبر عن موقف عميد إحدى كليات الجامعة بالإسكندرية حيال طلبة الجامعة الإسلامية بالكلية، وقد نشرته جريدة أخبار اليوم الصادرة يوم 9 ربيع الآخر 1398 الموافق 18 مارس 1978 حيث تقول:
استعان عميد إحدى الكليات العملية في الإسكندرية بقوات الأمن المركزي لعرض فيلم سينمائي. كان العميد قد وافق على طلب إحدى أسر الكلية بعرض فيلم (….. ) وفي يوم العرض فوجئ الطلبة والعميد بمجموعات من أعضاء الجماعة الإسلامية يحاولون منع عرض الفيلم بالقوة.
وفي اليوم التالي أصر العميد على عرض الفيلم في نفس المدرج بعد أن استعان بقوات من الأمن المركزي.
وعلمت أخبار اليوم أنه من المنتظر أن تصدر عدة قرارات هامة لوضع حد للتطرف الديني الذي أصبح يهدد بالقضاء على الروح الجامعية في معظم كليات الجامعة.
التعليق
لقد أصابنى الاستياء والامتعاض عندما قرأت هذا الخبر الذي يصور طلبة الجماعة الإسلامية بالكلية- ظلمًا وزورا- كأنهم قد بلغوا من الخطورة على الأمن حدا لا يمكن معه إلا استدعاء قوات الأمن المركزي لعرض هذا الفيلم السينمائى.
ونظرًا لأني لم أشاهد الأفلام السينمائية التي تعرضها دور السينما أو يعرضها التليفزيون- شأن كل رجل يحاول أن يبتعد عن الحرام ولو سمى بعض الناس ذلك تطرفًا- فقد أخذت أتساءل: ما هو هذا الفيلم الذي جعل طلبة الجماعة الإسلامية بالكلية تحاول منع عرضه بالقوة ( وإذا صح هذا الخبر ) فيصر العميد على ضرورة عرضه تحت رعاية قوات الأمن المركزي متحديًا بذلك مشاعر طلبة الجماعة الإسلامية؟
وقد جرني هذا التساؤل إلى تساؤلات أخرى:
أولا- إذا كانت كليات الجامعة تعرض أفلامًا سينمائية يعترض عليها الطلاب الغيورون على دينهم، فنريد أن نسأل. ما الفرق بين كليات الجامعة وشارع الهرم؟.
ثانيًا- ما هي ( القوة ) التي حاولت الجماعة الإسلامية منع عرض الفيلم بها كما ذكر الخبر؟ والتي استدعت بالتالى استدعاء قوات الأمن المركزي؟ هل كانوا يحملون مدافع رشاشة أو مسدسات أو حتى عصي؟ أم أن الخبر تمت صياغته هكذا لإثارة المجتمع ضد هؤلاء الطلبة المسلمين؟
ثالثًا- هل الروح الجامعية المعهودة بين الأساتذة والطلبة تحولت إلى عداوة كما يصورها هذا العميد؟.
رابعًا- هل يريد هذا العميد عودة الحرس الجامعي مرة أخرى؟ والرجوع عن حرية واستقلال الجامعات؟.
خامسًا- هل قانون الجامعات يسمح باستدعاء قوات الأمن المركزي لضرب الطلبة؟ وماذا تكون النتيجة لو أن الطلاب اشتبكوا مع الأمن المركزي؟ ومن الذي يتحمل مسئولية نتائج هذا الاشتباك؟.
* * *
وأكثر ما يلفت الأنظار في هذا الخبر هو فقرته الأخيرة التي تقول:
( وعلمت أخبار اليوم أنه من المنتظر أن تصدر عدة قرارات لوضع حد للتطرف الديني الذي أصبح يهدد بالقضاء على الروح الجامعية في معظم كليات الجامعات ).
وأقول: كفاكم تهديدًا وإثارة لمشاعر المسلمين..
ابحثوا في كليات الجامعة عن الشيوعية الملحدة وضعوا حدًا لها.
ابحثوا عن الميوعة والانحلال بين الطلاب وضعوا حدًا له وحاربوه.. فهم رجال الغد الذين سوف يحملون على أكتافهم وفي أعناقهم مسئوليات هذا البلد.
إن كثيرًا من المسئولين ورجال الصحافة والإعلام يظنون الإسلام تطرفًا، ولا يستطيعون أن يعرفوا الحد الفاصل بين الإسلام والتطرف. لقد رأينا ذلك أثناء محاكمة التكفير والهجرة، وهي ليست ببعيدة حتى ننساها.. حجاب المرأة اعتبروه تطرفًا.. تنفيذ المرأة لتعاليم زوجها اعتبروه تطرفًا.. إعفاء اللحى اعتبروه تطرفًا.. امتناع الغيورين على دينهم من مشاهدة الأفلام في السينما والتليفزيون اعتبروه تطرفًا.. وهكذا.. كم استهزءوا.. وكم تهكموا..!.
اعرفوا الإسلام أولاً.. ثم تكلموا بعد ذلك عن التطرف.
حقًا.. إن الإسلام لا يدعو إلى تطرف.
ولكن التطرف- إذا وجد- يمكن أن يقضي عليه بالاقتناع وليس بالقرارات. والشباب- بصفة خاصة- أول من يستجيب للتفاهم والحوار.
أما أن يحارب الإسلام نفسه باسم مقاومة التطرف.. أما أن تحاولوا وضع الأغلال في أعناق الجماعات الإسلامية باسم مقاومة التطرف.. فهذا قد يكون مخططًا رسمه أعداء هذا البلد، وبالطبع فإن هذه الأمور تثير المسلمين عامة، مما يجعل الشباب بصفة خاصة يبحث عن المخرج، فلا يجده إلا في الانضمام إلى الجماعات المتطرفة الجديدة التي يلدها المجتمع أولاً بأول نتيجة لهذا السلوك الذي حذرنا منه مرارًا وتكرارًا وكأن المسئولين لا يسمعون ولا يهتمون.
أما أنت يا سيادة العميد فإنى لا أقول لك إلا كلمتين اثنتين:
الأولى: إن قوات الأمم المتحدة قد تكون أكثر فاعلية من قوات الأمن المركزي.
الثانية: إن ربك لبالمرصاد.
أحمد فهمي أحمد
3


