الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

الفرق اليهود

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

الفرق اليهودية
كتبه : شريف بن كمال عزب

تثبت الأفكار وتتوالد كتوالد الأحياء ، وتتفاعل كتفاعل الكيمياء ، ويختلف الناتج من هذا التوالد والتفاعل باختلاف الزمان والمكان والمزاج والباعث والغاية .
وقد يفنى بعض هذا الناتج لفساده أو لضعفه أو لعدم الظروف الملائمة لحياته أو لوجود الظروف الموجبة لفنائه ، وقد يبقى البعض الآخر لصلاحيته أو لقوته وحصانته ، أو لعدم الظروف المقتضية لموته ، أو لوجود الظروف الداعية لبقائه ونمائه وازدهاره وإثماره .
والديانة اليهودية خاضعة لهذا القانون ، فاعتراها ما يعتري الماديات والمعنويات ، فتشعبت تعاليمها بتشعب أهلها ، واختلفت آراؤهم فيها وتباينت منازعهم في تقرير مبادئها وأصولها وتعاليمها لاختلاف الأزمان التي مرت عليهم والبيئات التي اكتنفتهم والعوامل التي أحاطت بهم ، والنكبات التي لحقتهم ، فكان من الضروري أن توجد آراء يتشيع لها البعض ويناهضها البعض ويقف آخرون منها موقف الحياد لا يؤيدها ولا يدحضها ، وكتب لبعض هذه الآراء أن تلقى في زوايا النسيان لسبب من الأسباب المتقدمة ، وكتب لبعضها أن تحيا إلى يوم الناس هذا لسبب ما كذلك .
ولقد افترق اليهود شيعًا وأحزابـًا يلعن بعضها بعضـًا ، ويكفر بعضها بعضـًا ويضرب بعضها رقاب بعض لاعتبارات أكثرها ديني المنشأ أصلاً وفرعـًا .
وأول انقسام لهم حصل في زمن موسى عليه السلام حينما أنزلهم منازلهم وجعل لهم سمات تميزهم ، وجعل لكل قبيلة لواء يلتفون حوله ويفيئون إليه ، وذلك في الصحراء ، ثم انقسموا ثانيـًا في آخر عهد القضاة ، وحارب أسباط بني إسرائيل سبط بنيامين لاعتدائهم على سرية رجل لاوي اعتداءً غير شريف .
ثم انقسموا ثالثـًا لأسباب سياسية بعد موت سليمان عليه السلام حينما طالب الشعب رحبام بتخفيف ما لحقهم أمام أبيه فاحتقرهم ، فولوا عليهم بربوعام أخاه ، وكونوا مملكة تدعى إسرائيل اتخذت شكلاً دينيـًّا لحماية سياستهم ، فأقيمت معابد الأوثان وحرم على رعاياها الذهاب إلى بيت المقدس ، وقلدتها مملكة يهوذا .
ثم انقسموا رابعـًا أيام الأَسْر البابلي اندمج من عاد منهم في قبيلتي بنيامين ويهوذا ، ثم لما جاء الإسكندر وأسكن بعض اليهود مدينة الإسكندرية وأبقى بعضهم الآخر في سوريا نشأ طائفتان يهوديتان : مصرية ، وسورية ، وزاد هوة الخلاف بينهما اتباع الطائفة السورية للعادات الإغريقية .
ثم انقسموا خامسـًا في عهد الإمبراطور جوليان ، إذ أنشئت محكمتان يهوديتان في طبرية وبغداد تطورتا إلى بطريركتين قامتا بجمع العهد القديم وما يتبعه من إضافات تحت اسم (( التلمود )) .
وكان لكل واحدة تلمودها ، ونحن هنا لا نحاول أن نسهب في بيان الفرق ونشأتها وآرائها ونتتبع تطوراتها وصلتها ببعضها ولا حصر عددها ، بل نلم إلمامة عامة بأشهر الموجود منها ، وخاصة من لها رأي في التوراة .
وأشهر الفرق الموجودة الآن :
أولاً : السامرة :
بعد السبي البابلي حوالي 722 ق . م هاجر أناس من بابل وغيرها واستوطنوا مدينة شمرون ، وتسموا بالشومريم ، ويقيمون الآن في نابلس – من أعمال فلسطين – على ثمانية عشر ميلاً من بيت المقدس ، وبعضهم بمصر .
ويخالفون بقية الفرق اليهودية بما يأتي :
1- لهم توراة خاصة بهم غير هذه التوراة التي في أيدي اليهود الآن مكتوبة على جلود القرابين ، ويرجعون تاريخها إلى أربعة وثلاثين قرنـًا ، ويقدر العلماء لها عشرة فقط ، وتختلف عن التوراة المتدوالة في 400 موضع .
2- لا يقرون بالبعث ؛ لأنه لو يوجد له ذكر في التوراة .
3- لا يقدسون (( التلمود )) – الكتاب الديني الثاني – لذا كان لهم أصول شرعية تبعد عن الأصول الشرعية التي للفرق الأخرى .
4- لا يحترمون بيت المقدس ولا يستقبلونه في عبادة .
5- لهم قبلة ، وبيت المقدس على جبل جريزيم .
6- لا يؤمنون بمن جاء بعد يشوع ، فيكذبون نبوة شمعون ، وداود ، وسليمان .
7- لهم تقشف في الطهارة ، وصلاتهم بها ركوع وسجود ، ويغتسلون ويتوضئون ويحجون ثلاث مرت إلى جبل جريزيم كل عام .
8- لغتهم قريبة من العبرية ، وليس فيها الألف ، الهاء ، العين ، الخاء . الأحرف التي توجد في العبرية الحالية .
9- يرجعون نسبهم إلى يوسف عليه السلام ويتبرأ منهم الربانون والقراءن .
1- ثانيـًا : الربانون :
وكانوا يسمون الفريسيين نشئوا أيام الميكابيين وهم جمهور اليهود ولهم تعاليم منها :
1- أنهم يقدسون التوراة و(( التلمود )) ، ويعتبرونه وحيـًا شفويـًّا أوحي إلى موسى عليه السلام ، ويكفرون من لم يعمل به ، وقد سدوا باب الاجتهاد .
2- يؤمنون بالبعث من غير دليل عليه في التوراة .
3- صلاتهم تشبه الصلاة بالنسبة للمسيحيين .
4- يعتبرون السامرة ضالين والقرائين دخلاء في الدين .
5- تنقسم هذه الفرقة إلى سبع فرق كلها خالفت الغاية المقصودة(1) .
وهذه الفرقة يبيح لها التلمود التعامل بالربا ، وحتم عليها الانفصال التام عن غيرهم ، وعلم

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا