فالله خيرا حافظا وهو أرحم الراحمين

فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
بقلم الشيخ/ أحمد طه نصر

بسم اللَّه الذي لا يضرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ، استفتاح بالذي هو خير ، واستمطار لرحمة اللَّه ، واستعانة به عز وجل ، فما للعباد من دونه تبارك وتعالى من وليٍّ ، ولا يُشركُ في حكمهِ أحدًا .
يقول عزَّ من قائل كريم : { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [ فصلت : 36 ] ، ويقول ربّ العالمين محذرًا : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [ فاطر : 6 ] ، ويذكِّر المؤمنين بقوله : { إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا } [ النساء : 76 ] .
فإلى الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر اللَّه : { أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [ الرعد : 28 ] ، الصادقين في إيمانهم يقينـًا وتوكلاً على الملك القدير الذي له مقاليد السماوات والأرض ، المخلصين للَّه دينهم : { أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } [ الزمر : 3 ] ، إليهم نداء ذي الجلال والإكرام : { إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [ آل عمران : 175 ] ، أن اثبتوا على صراط اللَّه المستقيم مع الذين أنعم اللَّهُ عليهم من أئمة الهدى وخاتمهم صلوات اللَّه
عليه وعليهم أجمعين : { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا } [ الأحزاب : 39 ] .
أما الذين خوَتْ قلوبهم من الإذعان والإيمان ، وصدورهم من الهداية والقرآن ، أَسْرى الجهل والتقليد الأعمى ، أرباب الخرافة والوهم ، هلاّ أيقنتم بخبر اللَّه أصدق القائلين : { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ @ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ } [ الأعراف : 101، 102 ] ، فمَنْ أنتم في الفريقين ؟ ألا يجدرُ بكم أنْ تؤمنوا أنَّ اللَّه العظيم الذي هو : { خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [ يوسف : 64 ] .
إن سبحانه مُدبر الأمر وحده ، وبيده ملكوت كل شيءٌ : { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ } [فاطر : 13] والخلائق جميعـًا لا يملكون من الأمر شيئـًا في هذا الكون الفسيح : { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ } [ سبأ : 22 ] ، أي من معين – حاشا للَّه – تنزه وتقدس ، هو القوي العزيز القاهر فوق عباده .
سبحانه وعَدَ ، واللَّه لا يخلف وعده : { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } [ الحجر : 42 ] ، وأتبع الوعد بضمانٍ أكيد ، فقال : { وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً } ، والذي يُسْلِم نفسه للشيطان ببعده عن ذِكر اللَّه والاحتماءِ به عز وجل لا يضرُّ إلا نفسه ، لقوله تعالى : { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ @ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ @ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } [ النحل : 98- 100 ] ، وجاء على لسان العدو اللعين يذكرُ كيده وإضلاله للغافلين : { قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ @ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } [ الحجر : 39، 40 ] ، قال الربُّ العظيم : { هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ @ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ @ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ } [ الحجر : 41- 43 ] ، والعهدُ مع اللَّه أن نعبده مخلصين له الدين . يقول عز وجل : { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لاَ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ @ وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } [ يس : 60، 61 ] .
ويحمي اللَّه المؤمنين المعتصمين بربهم بقوله : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى @ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى @ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا @ ‏قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْي