الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

وكان حقا علينا نصر المؤمنين

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

{ وَكَانَ حَقا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }
بقلم الشيخ : أسامة علي سليمان
إدارة شئون القرآن الكريم

الحمد للَّه ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . وبعد :
فإن تصحيح المفاهيم عند المسلم من الأهمية بمكان ، حيث يترتب على صحة المفاهيم صحة الاعتقاد وصحة العمل ، ومن المفاهيم التي ينبغي أن تكون واضحة في أذهان الجميع مفهوم النصر والتمكين وعدم الخلط بين انتصار الدعوة وانتصار الداعية وظهور الدعوة واسُتعلائها فقط ، ومن ثم إن لم يتحقق هذا يظن أنه أخطأ في الطريق فيعيد حساباته ويبدأ في طريق آخر ، حتى إذا سلك كل الطرق عاد وهو يرفع شعار العُزلة ، إذ لا أمل في المدعوين ، ولا رجاء في استجابتهم ، ويعود قائلاً لنفسه : عليك نجاة نفسك ، ودعك من العوام ، ولا يضرك من ضل إذا اهتديت ، ويغلق بابه ، ويدخل صومعته ، ويترك الميدان .
ولخطورة مفهوم النصر في الكتاب والسنة نتناول في هذه المقالة المفاهيم المختلفة للنصر في الكتاب والسنة ، وأسباب تأخير النصر :
مفهوم النصر في الكتاب والسنة : من المعلوم يقينـًا أن اللَّه عز وجل لا يخلف وعده ، فإذا قال سبحانه : { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ } [ غافر : 51 ] ، فلا شك أن ذلك محقق لا محالة ، لذلك كان حقـًّا علينا أن نعرف معنى النصر وحقيقته ، إذ إن هناك من أنبياء اللَّه عز وجل من قُتل ، ومنهم من ألقي في النار ، ومنهم من دخل السجن ، ومن عباد اللَّه المؤمنين من أُلقي في الأخدود ، ومنهم من استشهد ، فأين نصر اللَّه لهؤلاء جميعـًا في الحياة الدنيا وقد قُتلوا وعُذبوا وأُوذوا وطُردوا ؟
إن للنصر مفاهيم متعددة وصورًا متنوعة ، منها :
1- أن يكون بالغلبة والقهر للأعداء ، وهو أول ما يتبادر إلى الذهن عند إطلاق كلمة النصر ، ومن ذلك انتصار موسى عليه السلام على فرعون وقومه ، يقول سبحانه : { وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [ يونس : 90 ] ، وقال سبحانه : { وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } [ الأعراف : 137 ] ، وهذا النوع من النصر محبب للنفوس ، يقول سبحانه : { وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } [ الصف : 13 ] .
2- أن يتحقق النصر بإهلاك المكذبين ونجاة الأنبياء والرسل وأتباعهم ، ومن ذلك نجاة نوح عليه السلام ومن معه من المؤمنين ، وإهلاك قومه المكذبين والمغرضين ، يقول سبحانه : { حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } [هود: 40].
ويقول سبحانه : { وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } [ نوح : 26 ] . ويقول سبحانه : { فَدَعَارَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ @ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ @ وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ @ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ @ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ } [القمر: 11- 13].
ومن ذلك أيضـًا قوم ثمود وقوم صالح أهلكهم اللَّه ، يقول سبحانه : { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ @ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ @ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ @ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } [الحاقة : 5- 8 ].
3- أن يتحقق النصر بانتقام اللَّه من أعداء الرسل والمؤمنين بعد ، كما حدث مع قتلة يحيى عليه السلام ، حيث سلط اللَّه عليهم بختنصر ، فأذاقهم سوء العذاب، وجاس خلال ديارهم ، ودمرها ، يقول سبحانه : { فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً } [الإسراء: 5].
4- إن ما يتصوره البعض هزيمة قد يكون نصرًا عند اللَّه عز وجل { وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [ النور : 19 ] ، ومن ذلك قتل الداعية يعده البعض هزيمة ، ولكنه نصر من جوانب عديدة ، منها :
1- أنه شهادة في سبيل اللَّه عز وجل ، وهي من أفضل أنواع النصر .
2- انتصار منهج الداعية بعد استشهاده ، كما حدث لغلام قصة أصحاب الأخدود ، مات شهيدًا ، ولكن تحقق

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا