الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

الشفاعة

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

باب السنة
الشفاعة
الحلقة الأولى
بقلم الرئيس العام
محمد صفوت نور الدين
الشفاعة : التوسط بالقول لوصول شخص إلى منفعة يرجوها أو خلاص من مضرة يخشاها دنيوية كانت أو أخروية ، وهي إما حسنة ، أو سيئة .
معنى الشفاعة :
لفظة الشفاعة في استعمال الشرع معناها : الدعاء . ففي حديث مسلم عن أنس وعائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه )) .
قال ابن الأثير في (( النهاية )) : الشُّفعة في الملك معروفة وهي مشتقة من الزيادة ؛ لأن الشفيع يضم المبيع إلى ملكه فيشفعه به ، كأنه كان واحدًا وترًا فصار زوجـًا شفعـًا ، والشافع هو الجاعل الوتر شفعـًا .
( وقال ) : الشفاعة في الحديث فيما يتعلق بالدنيا والآخرة . وهي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم بينهم . يقال : شفع يشفع شفاعة . فهو شافع وشفيع ، والمشفِّع : الذي يقبل الشفاعة . والمشفع الذي تقبل شفاعته .
( وقال ) : شاة شافع إذا كان في بطنها ولدها ويتلوها آخر .
قال الراغب : الشفاعة ؛ الانضمام إلى آخر ناصرًا له وسائلاً عنه . وأكثر ما يستعمل في انضمام من هو أعلى حرمة ومرتبة إلى من هو أدنى . ومنه الشفاعة في القيامة . قال تعالى : { لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا } [ مريم : 87 ] ، { مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا } ؛ أي من انضم إلى غيره وعاونه وصار شفعـًا له أو شفيعـًا في فعل الخير والشر فعاونه وقواه وشاركه في نفعه وخيره . ( انتهى بتصرف ) .
الشفاعة الحسنة : هي أن يشفع الشفيع لإزالة ضر أو رفع مظلمة عن مظلوم ، أو جر منفعة إلى مستحق من غير ضرر بغيره ؛ لقوله تعالى : { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى } [ المائدة : 2 ] ، والشفيع مأجور على شفاعته ؛ لقوله تعالى : { مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا } [ النساء : 85 ] .
والشفاعة السيئة : أن يشفع في هضم حق أو إعطائه لغير مستحق ، أو يشفع في إسقاط حد بلغ السلطان ، وهو منهي عنه ؛ لقوله تعالى : { وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } [ المائدة : 2 ] ، وعلى الشفيع وزر من ذلك ؛ لقوله تعالى : { وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا } [ النساء : 85 ] .
والشفاعة : ضم غيرك إلى جاهك ووسيلتك ، فهي على التحقيق إظهار منزلة الشفيع عند المشفَّع وإيصال المنفعة إلى المشفوع له .
والشفاعة : إما دنيوية ، أو أخروية .
الشفاعة الدنيوية : قال تعالى : { مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا } [ النساء : 85 ] ؛ الشفاعة الحسنة في الدنيا هي شفاعة مقبول الشفاعة عند ذي سلطان أو مالك في حاجة إنسان جائزة شرعـًا وصاحبها مأجور وإن لم تقبل شفاعته ؛ لحديث البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري ، رضي اللَّه عنه ، قال : كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا جاءه السائل أو طلبت إليه حاجة قال : (( اشفعوا تؤجروا ، ويقضي اللَّه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء )) . [ البخاري : (1432) ، ومسلم (2627) ] .
والشفاعة جائزة في التعزير دون الحدود بلغت الحاكم أم لم تبلغه ، ما لم تكن في معلن بالشر .
أما الشفاعة في الحدود إذا بلغت السلطان فهي حرام ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد : (( يا أسامة ، أتشفع في حدٍّ من حدود اللَّه )) . ولحديث ابن عمر ، رضي اللَّه عنهما ، قال : سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول : (( من حالت شفاعته دون حدٍّ من حدود اللَّه فقد ضادَّ اللَّه ، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط اللَّه حتى ينزع عنه ، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه اللَّه ردغة الخبال(1) حتى يخرج مما قال )) ، إلا أن يكون شفاعة في إسقاط القصاص إلى الدية بعفو المجني عليه أو أوليائه .
أخذ الأجرة على الشفاعة :
في الحديث عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من شفع لأخيه بشفاعةٍ فأهدى له هدية عليها فقبلها ، فقد أتى بابـًا عظيمـًا من أبواب الربا )) . أخرجه أبو داود بسند حسن .
تحقيق كلمة التوحيد :
قال في (( فتح الودود )) : وذلك لأن الشفاعة الحسنة مندوب إليها ، وقد تكون واجبة فأخذ الهدية عليها يضيع أجرها ، كما أن الربا يضيع الحلال ، واللَّه تعالى أعلم .
فائدة : ومن الشفاعة الحسنة الدعاء للمسلمين بالخير ، ومن الشفاعة السيئة الدعاء على المسلمين أو على بلادهم أو على ما يملكون من متاع وزرع وغيرها ، وقد وعد اللَّه بالنصيب في الشفاعة الحسنة والكفل في الشفاعة السيئ

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا