الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

الأسرة والمسجد

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

افتتاحية العدد
الأسرة والمسجد
بقلم الرئيس العام / الشيخ محمد صفوت نور الدين

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه وبعد :
فإن في دراسة الحديث النبوي الشريف التعرف على الدين كله ، وإن إسناد الحديث من الدين ، ودراسته وتدبره دين من عند الله رب العالمين ، وأريد أن أشير إلى فائدة من تلك الفوائد الكثيرة .
عند قراءة الأسانيد كثيرًا ما يسترعي الناظر منها أن يقرأ عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، ويقرأ سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده ، ويقرأ سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه عن جده ، ثم نظرت إلى غالب هذه الأحاديث المروية ، فإذا هي قد رُويت في المسجد فتعلمها الصحابة من الرسول – صلى الله عليه وسلم – فنقلوها إلى البيوت ، سواء في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – أو بعد موته ، وأن من بعدهم نقلوها كذلك للأبناء والزوجات وذوى الأرحام في البيوت ، فسمعها الأبناء والأحفاد فتسلسلت في الأسرة .
من أجل ذلك أفردت هذا الحديث عن الأسرة والمسجد ، ملخص القول فيه بأن : ( الأسرة دعامتها فطرية ، والمسجد دعامة شرعية ، فإذا نقلت الأصول الشرعية من المساجد فأدخلت البيوت نقلت معها السعادة ، فغمرت البيوت وسكانها ) .
وإذا أردنا شرح ذلك المعنى نقول مستعينين بالله عز وجل :
إن الله خلق الإنسان من ذكر وأنثى ، وجعل الألفة بين الذكر والأنثى في الإنسان فطرية ، لا يستغني الزوج عن زوجه العمر كله ، بل إن الله – عز وجل – أمر الرجال والنساء بغض الأبصار ، وأمر النساء بعدم الخضوع بالقول ، وأمرهما بعدم التسمع للهو الحديث حتى لا يستخدم الميل الفطري ، فيتولد منه علاقات طفيلية تضر البيوت وبراعمها وأزهارها .
انظر رعاك الله إلى الأبقار في حظيرتها لا يجمع بين الذكور والإناث في حظيرة واحدة ؛ لأن كل واحد منهما لا يحتاج إلى الآخر إلا في وقت بعينه بخلاف البشر ، فإن البيت والأسرة لا تكون كذلك إلا بالرجل مع زوجه ، ولا يستقر لها قرار بغير هذا .
ثم انظر ما جعله الله سبحانه من المحبة والإشفاق من الآباء على الأبناء ، وأنه حب فطري لا يتعلمه الناس ليكتسبوه ، إنما جعله الله مع خلق الإنسان ، فجعل الأبناء هبة وزينة يحبها كل إنسان ويبذل الجهد لجمع أسباب النماء والبقاء والسعادة لهم حتى امتن الله سبحانه على الإنسان ببنين وحفدة وحببهم إلى قلوبهم ، بل جعل الطفل يحبو أشهرًا ويتلعثم في قوله سنوات ، ويحتاج إلى المربين من حوله عقودًا ، ذلك حتى يتمكنوا من تعليمه وتربيته ورعايته والإحسان في تنشئته ، فإن جاع أطعموه ، وإن بكى أسكتوه ، وإن مرض سهروا عليه يداووه ، وإن استوحش آنسوه ، وإن احتاج أعطوه ، فيرى الخير الذي يحتاجه يأتيه من طريقهم ، فيحب أن يدخل السرور عليهم ، لذا فإنك ترى الطفل إن قطب أحد والديه جبينه في وجهه بكى وارتمى في أحضانه ، كأنه بذلك يعتذر عما أغضبه ويطلب رضاه ، وإن تبسم في وجهه سُر لذلك وأعاد ذلك الأمر الذي شعر أنه سبب دخول السرور على الوالدين ، كل هذا يمثل الدعائم الفطرية في الأسر والبيوت ، فهي من خلق الله وهدايته ، وليست من أوامر البشر وتعليمهم .
ثم نظرت إلى المسجد فإذا دخوله بالنداء الشرعي : ( الله أكبر . الله أكبر – إلى – لا إله إلا الله ) ، فإذا ذهبت إلى المسجد تطهرت طهارة شرعية تشعرك بجلال الموقف وعظمة اللقاء وقُدْسِيَّته ، فإذا خطوت عرفت بالشرع أن الخُطى تكتب بها الحسنات ، وتحط بها الخطيئات ، وترفع بها الدرجات ، فإذا دخلت قدمت الرجل اليمنى ، ثم تصلى لله تحية لبيته ، تؤمر أن تأتي إلى الصلاة وعليك السكينة والوقار غير صخاب ولا مختال ، فإذا وقف الإمام وأُقيمت الصلاة لزمت الصف خاشعًا في بصرك وأعضائك ، منصتًا لقراءة الإمام إذا قرأ القرآن ، والقرآن فيه العلم الشرعي كله ، فتتدبر وتتذكر وتتعلم وتعبد الله ترجو الخير وتستدفع الشر .
فإذا كان يوم الجمعة دعاك رب العزة سبحانه بقوله : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) [ الجمعة : 9] ، وإذا صعد الإمام على المنبر جلست في خشوع تسمع حتى إذا تكلم أحد المصلين فلا ترد ، بل ولا تقول له : أنصت ، فمن قال لأخيه والإمام يخطب يوم الجمعة : أنصت فقد لغى ، فمن اللغو أن تسكته بقولك : أنصت ، فيتعلم من الإمام في الصلاة ومن الخطيب يوم الجمعة يسمع سماع إلزام ، فالله سبحانه يقول : ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْءَانُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون ) [ الأعراف : 204] ، والمقصود هنا : هو قراءة الصلاة ، ورب العزة يقول : ( وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) ، فكأن الله جعل سبل تعلم ذلك الدين والتذكير به في قرآن نسمعه خاشعين ، وفي

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا