باب العقيدة
الغلو والتطرف في الفرق الإسلامية مجمل عقائد الشيعة
بقلم
أ . د . سعيد مراد
عقيدتهم الغالية في علي بن أبي طالب
علي بن أبي طالب – رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين – ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول من آمن من الصبية ، ورابع الخلفاء الراشدين ، والذي عليه اعتقاد أهل السنة أن عليًّا – رضي الله عنه – غير معصوم ، ولا يفضل أحدًا من الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه في خلافة المسلمين .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( أما تفضيل أبي بكر ثم عمر على عثمان وعلي : فهذا متفق عليه بين أئمة المسلمين المشهورين بالإمامة في العلم والدين من الصحابة والتابعين ، وتابعيهم ، وهو مذهب مالك وأهل المدينة ، والليث بن سعد ، وأهل مصر ، والأوزاعي ، وأهل الشام ، وسفيان الثوري ، وأبي حنيفة ، وحماد بن زيد ، وحماد بن سلمة ، وأمثالهم من أهل العراق ، وهو مذهب الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد وغير هؤلاء من أئمة الإسلام الذين لهم لسان صدق في الأمة ) (1) .
أما غلاة الشيعة فقد خالفوا هذا الإجماع وقالوا في علي بن أبي طالب ما لا يرضاه عليٌّ نفسه ولا يقبله ويحكم على قائليه بالشرك والضلال ، ومن أبرز ما قالوا عن هذا الصحابي رابع الخلفاء ما رفعه إلى الألوهية ، وزعموا فيه ما زعمت النصارى في عيسى ابن مريم – عليه السلام – يقول الحافظ رجب البرسي – أحد كتاب الشيعة – : ( كيف أنكروه ، وما عرفوه ، وبمجرد السمع له ردوه ، وهو لعمري غرة فخر الأنوار ، ودرة بحر الأسرار ، وزبد مخض الأسرار ، ومعرفة أسرار الجبار ، لأنه النهج الأسم ، والأسم الأعظم والترياق الأكبر ، والكبريت الأحمر ) (2) ، هذه كلها أوصاف لعلي بن أبي طالب ، ثم يواصل ضلاله فيكذب على الله ورسوله بإسناد روايات وأحاديث هي الكذب الواضح والتلفيق الظاهر والعماية عن الحق فيقول : ( … ومثل هذا الباب من الحديث القدسي يقول الله سبحانه : ولاية علي حصني ، فمن دخل حصني أمن عذابي ) ، فحصر الأمان من العذاب في ولاية علي ، لأن الإقرار بالولاية يستلزم الإقرار بالنبوة والإقرار بالنبوة يستلزم الإقرار بالتوحيد ، فالموالي هو القائل بالعدل ، والقائل بالأمانة ، والعدل مع التوحيد هو المؤمن ، والمؤمن من آمن ، فالموالي لعلي هو المؤمن الآمن ، وإلا فهو المنافق الراهق من غير عكس ، ومثال هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ) ، والمدينة لا تؤتى إلا بالباب ، فحصر أخذ العلم بعده في علي وعترته ، فعلم أن كل من أخذ علمه بعد النبي صلى الله عليه وسلم من غير علي وعترته فهو بدعة وضلال ) (3) .
وهذا القول بولاية علي وبكونه أعلم الناس أمر يخالف إجماع الأمة ، لم يقل أحد من علماء المسلمين المعتبرين : أن عليًّا أعلم ، وأفقه من أبي بكر وعمر ، بل ولا من أبي بكر وحده .. ذكر غير واحد من العلماء إجماع العلماء على أن أبا بكر التصديق أعلم من علي .. وكيف وأبو بكر الصديق كان بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم يفتي ويأمر وينهى ويقضي ويخطب ؟ كما كان يفعل إذا خرج هو وأبو بكر يدعو الناس إلى الإسلام ، ولما هاجرا جمعيًا ، ويوم حنين ، وغير ذلك من المشاهد والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت يقره على ذلك ، ويرضى بما يقول ، ولم تكن هذه المرتبة لغيره ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في مشاورته لأهل العلم والفقه ، والرأي من أصحابه : يقدم في الشورى أبا بكر وعمر ، فهما اللذان يتقدمان في الكلام والعلم بحضرة الرسول – عليه السلام – على سائر أصحابه مثل قصة مشاورته في أسرى بدر ، فأول من تكلم أبو بكر وعمر ، وكذلك غير ذلك .
وقد روي في الحديث أنه قال لهما : ( إذا اتفقتما على أمر لم أخالفكما ) ، ولهذا كان قولهما حجة (4) ، وهذا يفضح معتقد الشيعة في تقديم عليٍّ على غيره من الصحابة في العلم ، ولا يتوقف أمر الشيعة وفساد عقيدتهم عند تفضيل عليٍّ على سائر الصحابة ، بل فضلوه على سائر الأنبياء ، ( ثم إن الله سبحانه وصف أنبياءه بأوصاف ، ووصف ولي نبيه بأعلى منها ، فقال في نوح : ( إنه كان عبدًا شكورًا ) . وقال في علي : ( وكان سعيهم مشكورًا ) . وأين الشاكر من مشكور السعي ؟ ووصف إبراهيم بالوفاء فقال : ( وإبراهيم الذي وفى ) . وقال في علي : ( يوفون بالنذر ) ، ووصف سليمان بالملك فقال : ( وآتيناه ملكًا عظيمًا ) ، وقال في علي : ( وإذا رأيت ثم رأيت نعيمًا وملكًا كبيرًا ) ، ووصف أيوب بالصبر فقال : ( إنا وحدناه صابرًا ) وقال في علي : ( وجزاهم بما صبروا ) ، ووصف عيسى بالصلاة والزكاة فقال : ( وأوصاني بالصلاة والزكاة ) ، وقال في علي : ( ومن الليل فسبحه ليلاً طويلاً ) ووصف محمدًا بالعزة فقال : ( فلله العزة ولرسوله ) ، وقال في علي : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ) ، ووصف الملائكة بالخوف فقال : ( يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ) ، وقال في علي : ( إنا نخاف من ربنا )


