كلمة هادئة إلى المتطرفين
بقلم الشيخ أبي عمرو مجدي قاسم
رئيس لجنة الدعوة – فرع بلقاس
بادئ ذي بدء أقول : إنني لا أملك سوى قلمي ولا سلاح لي إلا الكلمة ، وأنا -كسواي- أتعرض لإرهاب هؤلاء المتطرفين الذين أعنيهم بحديثي هذا .
والتطرف يعني أن هناك وسطًا له طرفان ، والوسط إنما هو هذا الدين الذي أنزله رب العالمين ورضيه لعباده ولا يقبل الله سواه ، وطرفاه إما إفراط وإما تفريط ..
فالإسلام وسط بين الملل .. وأهل السنة والجماعة – المتمسكون بما كان عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه – وسط بين أهل الأهواء .. وسط بين الإفراط والتفريط .
إفراط يعني : الغلو في الدين ، التشدد الذي لم يأمر به رب العالمين .. وتفريط يعني : الإنسلاخ عن أوامر هذا الدين والخروج إلى الكفر العملي والفسق والفجور ، وربما يؤدي إلى الردة وكفر الاعتقاد .
وكلمتي هذه موجهة إلى أصحاب الصنف الثاني من العلمانيين والمنافقين وأشياعهم الذين ملأوا الدنيا ضجيجًا حول أصحاب الصنف الأول – ونحن نشاركهم في ذلك ، فنحن لا نرضى أن يضاف إلى الدين ما ليس فيه – ولكنهم تمادوا- نصرة لأهوائهم- فجعلوا كل المتمسكين بأوامر هذا الدين في سلة واحدة ورموهم بسهم واحد ، عسى أن يصلوا إلى بغيتهم من القضاء على ما يُذكرهم ومن يذكرِّهم بإطار هذا الدين الذي خرجوا منه وعليه .. وأنى لهم ذلك ؟ والله يدافع عن دينه ، ويهيئ له جنودًا يدافعون عنه وينصرونه ، و يبذلون في سبيل نصرته كل مرتخص وغال ؛ يفدونه بالمُهج والأرواح ، مستهينين بكل الصعاب التي تواجههم والابتلاءات التي لا بد من صبِّها فوق رءوسهم طالما اختاروا السير في هذا الطريق الذي لا طريق سواه موصل إلى الجنة .
أقول -بداية- : كما أني لا أملك ولا يملك غيري إخراج إنسان دخل في هذا الدين وارتضى أوامره وشرعه إلا بدليل واضح صريح لا يحتمل التأويل عندنا فيه من الله برهان ، وليس معنى ذلك عدم الحكم بردة إنسان خرج من ربقة هذا الدين فكُتُب الفقه بها باب الردة فليطالعها من شاء .. أقول : كما أننا لا نستطيع الحكم بالكفر على إنسان مسلم لأنه أمر عظيم لا يقدم عليه مسلم ذو علم ودين ، لا نستطيع أيضًا أن نحكم لكافر – يأبى الانصياع لأوامر هذا الدين – أنه مسلم .
فكيف نحكم لمن يشمئز من الإسلام والمسلمين ويتنصل من الانتماء إليهم بأنه مسلم ؟ كيف نحكم لمن يحدّ لسانه وقلمه طعنًا في الإسلام وتشويهًا لكل ما هو مسلم أنه ينتمي لهذا الدين ؟
فنقول بعد هذه التقدمة : إنه حدث توسع كبير في استخدام كلمة (التطرف) واستخدمها العلمانيون والمنافقون سلاحًا مشهرًا ضد كل متمسك بأمر من أوامر الله عز وجل .
ولذا نقول : يجب أن نتعرف على المقصود بهذه الكلمة ، وما هو المعنى الذي يقصده من يستعملها .
فنسأل هؤلاء المتطرفين من العلمانيين وأشياعهم الذين نتعرض لإرهابهم الفكري -ليل نهار- محاولين فرض أفكارهم بقوة وسائل الإعلام والدعاية المتاحة لديهم والممنوحة لهم والممنوعة عمن سواهم .. ويفرضونها بقوة السلطان إن وصلوا إلى سلطة – والبلادُ التي وصلوا فيها إلى الحكم شاهدة على ما نقول ؛ فالسحل والقتل والتشريد والتعذيب والسجن هو جزاء من يخرج عن منهجهم العلماني ، ثم بعد ذلك يتباكى أذنابهم على إرهاب المتمسكين بدينهم الذين لا حول لهم ولا قوة كما يقول المثل : (رمتني بدائها وانسلت) .
نسألهم : ما الذي تعنونه بكلمة (التطرف) تلك ، وأنتم أصحابها وأولى الناس بها ؟
هل المتمسك بشرع الله في نفسه وفي أهل بيته ويدعو الناس إلى ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة .. هل هذا المتمسك بشرع الله متطرف ؟ أم غير المتمسك هو المتطرف ؟
هل من ينادي بتطبيق شرع الله -الذي لا سبيل للنجاة سواه- متطرف ؟ أم من يهاجم من ينادي بتطبيق شرع الله هو المتطرف ؟
هل المرأة التي التزمت بأمر ربها في قرآنه بالحجاب متطرفة ؟ أم تلك المتبرجة الخارجة عن أمر ربها هي المتطرفة ؟
هل هؤلاء الذين يعمرون بيوت الله ويحافظون على الصلاة متطرفون ؟ أم هؤلاء المضيعون للصلاة الهادمون لها هو المتطرفون ؟
هل هؤلاء الذين يحرصون على حضور مجالس العلم والعلماء متطرفون ؟ أم هؤلاء الذين يحرصون على حضور مجالس الفسق والفجور ويعمرون الملاهي والحانات هم المتطرفون .
هل هؤلاء المتوضئون المتطهرون متطرفون ؟ أم هؤلاء المنغمسون في النجاسات ولا يعرفون الطهر ولا الطهارة هم المتطرفون ؟
هل أهل العفة والعفاف متطرفون ؟ أم أن أهل المجون والخلاعة هم المتطرفون ؟
إن من له أدنى إلمام بتعاليم هذا الدين يستطيع أن يجيب على مثل هذه الأسئلة .
فالذي لا يطبق شرع الله هو المتطرف ، والذي يحارب من ينادي بتطبيق شرع الله هو قمة هذا التطرف .
إن التي تلتزم بحجاب أمهات المؤمنين وتغطي وجهها لا يمكن أن توصف بالتطرف ، وإلا فستوصف أمهات المؤمنين بالتطرف !!
وإن الذي يلتزم بلحية رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يمكن أن


