وسائل تربية الفرد المسلم
عبد اللطيف محمد بدر
رئيس تحرير مجلة التوعية الإسلامية ( سابقاً )
أولا : وسائل التربية الروحية :
وأعنى بتربية الروح : هى دوام الصلة بالله والتسامى على الغرائز الدنيا ، والارتفاع على شهوات النفس وملذات الجسد ، فلا يكون المسلم أسيرها أو عبداً لها وإلا كان من الخاسرين .
قال الله تعالى : ” أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ” ( الآية 23 – الجاثية )
وقال تعالى : ” زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَــاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَـبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ” ( الآية 14 – آل عمران )
وقال تعالى : ” إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ” ( الآية 12 – محمد صلى الله عليه وسلم )
وقد روى البخارى ومسلم رحمهما الله عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال : جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله فقال : ” إن مما أخاف عليكم من بعدى ما يُفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها ” .
والعقيدة السليمة التى قدمها الإسلام للمسلم هى وسيلة فعالة فى تقوية روحه ، وبث العزة والكرامة فى نفسه ، وغرس الشجاعة والإقدام عنده ، وعدم الخوف والخشية إلا من الله عز وجل .
فصاحبها يؤمن بأن الآجال بيد الله تعالى ، وهى محدودة أزلاً ، لا يُقصر فيها الإقدام ولا يؤخر فيها الإحجام ، فلا يقعد عن نصرة حق أو دفع ظلم ، ولا يهاب عدواً ولا يخشى ظالماً ، فهو قد آمن بقول الله عز وجل : ” قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ” ( الآية 49 – يونس )
وبقوله تعالى : ” أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ “( الآية 78 – النساء )
وبقوله سبحانه : ” قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ” ( الآية 8 – الجمعة ) .
وبقوله عز وجـل : ” قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِـي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ” ( الآية 154 – آل عمران ) .
وبقوله جل شأنه : ” الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ” ( الآيات 173-175- آل عمران ) .
وبقولـه تعالى : ” قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ” ( الآية 51 – التوبة )
قرأوا هذه الآيات وأمثالها من كتاب الله عز وجل وصدقوها فامتلأت قلوبهم إيماناً بالله وخشية له وخوفاً منه وثقة فيه وتوكلاً عليه وحرصاً على ثوابه ، وأدركوا أن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم ، فرضى الله عنهم ورضوا عنه وذلك هو الفوز العظيم
وقرأوا قوله تعالى : ” إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ” ( الآية 111- التوبة )
فصدقوا هذه البيعة وأمعنوها وبذلوا كل نفس ونفيس فى الوفاء ب


