حول الحوار الإسلامي المسيحي :
مرحبًا بالحوار غير المخادع !!
بقلم لواء / أحمد عبد الوهاب
رئيس مجلس إدارة المركز العام لمسجد العزيز بالله
يعرف الحوار في اللغة : بأنه مراجعة الكلام ، ويكون بين اثنين على الأقل ، وهي عملية يتم فيها عرض قضية ما ، والرد على الاستفسارات المتعلقة بمختلف جوانبها ، وبيان أوجه التوافق والاختلاف ، والقبول والاعتراض .
والخلاصة أن الحوار وسيلة لتبادل الآراء الحرة ، بقصد تقرير الحقيقة من وجهة نظر المتحاورين .
والمسلم من أكثر الناس تقديرًا للحوار ، فمنذ البدء كان وسيلة للإعلام والتبيين : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) [ البقرة : 30] .
والحوار وسيلة لاستبيان الحقائق وكشف الأضاليل : ( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ) [ الكهف : 37] .
ولقد علم القرآن المسلمين كيف يتحاورون مع أهل الكتب ، فقال : ( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا ءَامَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) [ العنكبوت : 46] .
الحوار – إذن – هو تعليم إسلامي أصيل ، بشرط أن يكون حوارًا حرًّا غير مخادع .
هذا ، ولقد بينت وثائق الكنيسة أن الحوار من وجهة نظرها له معنى آخر غير المعنى الطبيعي المتعارف عليه بين الناس ، فلقد تضمنت مجموعة الوثائق التي صدرت عن المجمع المسكوني الثاني للفاتيكان ( 1962 – 1965) تفصيلاً لهذا الحوار ، جاء فيها :
(يجب إعداد رجال دين عندهم استعداد للحوار ، رجال دين يعرفون كيف يصغون إلى الآخرين ، رجال دين في طبيعتهم أن يوقظوا الاهتمام في النفوس ، وأن يكونوا معلمين للإيمان ( المسيحي) ، رجال دين يستطيعون أن يتيحوا الفرص للعمل الإرسالي الرسولي (التبشيري) ، وأن يبعثوا فيه الحياة بين غير رجال الدين ، بروح كاثوليكية فعلاً.
وفوق ذلك يجب أن يعدوا (القائمين بالحوار مع غير النصارى) بطريقة موافقة لتفهيمهم الوسائل الفنية التي لابد منها ، حتى يستطيعوا أن يتسللوا بنشاط في الجماعات التي تتألف منها الجماعة الإنسانية ، وأن يبدءوا الحوار مع الآخرين .
وفيما يتعلق بالتبشير للتنصير ، فيجب إعداد غير رجال الدين إعدادًا خاصًّا للقيام بالحوار مع الآخرين ، من المؤمنين (الكاثوليك) ، ومن غير المؤمنين حتى يبينوا للجميع رسالة المسيح ) . اهـ .
أما اليوم فقد أصبح البابا يوحنا بولس الثاني – باب الفاتيكان – أكثر تحديدًا لمعنى الحوار ؛ حيث إنه من وجهة نظره يعني ارتداد الآخرين عن دينهم ، واعتناق المسيحية ، وفق المفاهيم الكاثوليكية .
ففي كتاب صدر عام 1994 م بعنوان : (ادخلوا في الرجاء) ، عبارة عن أجوبة على عدة تساؤلات كان قد طرحها أحد الصحفيين على البابا يوحنا بولس الثاني ، وكان نص كلماته :
(إن الكنيسة تستعمل الحوار لكي تحس كل الناس على الارتداد والتوبة عن طريق تجديد ضميرهم وحياتهم تجديدًا عميقًا في ضوء سر الفداء والخلاص (المسيحي) .
إن الهدف الإلهي الوحيد والنهائي يتمركز في يسوع المسيح الإله الإنسان الذي يتعين على كافة البشر أن يجدوا فيه اكتمال الحياة الدينية .. فلا يوجد مخلوق يمكنه أن يظل خارجًا أو حتى على هامش عمل يسوع المسيح الذي مات من أجل الجميع . إذن فهو منقذ العالم ) . اهـ .
فها هي وثائق الفاتيكان تستخدم عبارات : إتاحة الفرص ، والتسلل ، وما إلى ذلك ، وهو ما يعني أنه ليس حوار أحرار على الإطلاق ، إنما يعني خداعًا لغير المسيحيين ، وإجبارهم على الارتداد .
أهكذا يكوم الحوار يا قادة العالم المتمدنيين ؟!


