الخميس 6 جمادى الآخرة 1447 27-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الخميس 6 جمادى الآخرة 1447 27-11-2025

محنة الأمة

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

محنة الأُمة
بقلم / صرموم يحيى
حي العربي معلق – الجزائر

إن الحمد للَّه نحمده ، ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده اللَّه فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلاَّ اللَّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله . أما بعد :
إنَّ المتأمل في أحوال المسلمين اليوم يرى أنَّ ما تمر به الأمة الإسلامية من محنٍ ونكبات هي الأخطر من نوعها ، حيث تداعت عليها الأُمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ، وحوصر المسلمون حصارًا شديدًا لم يعرفوه عبر تاريخهم الطويل ، حتى في أحلك الأوقات ، والعالم كله تألَّب عليهم ورماهم عن قوسٍ واحدة ، لا يألوهم خبالاً ، ولا يرقب فيهم إلاًّ ولا ذمة ، حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، وصاروا لا يعيشون إلاَّ على أنقاض الأحداث السياسية ، نشاطهم يقوى بقوتها ، ويضعف بضعفها ، وكأنهم – هم أيضـًا – كُتِبُ عليهم شقاء السياسيين ، ونسوا أنه لا سبيل إلى التخلص من هذا الذل المضروب علينا من قرون ، إلا بالرجوع إلى الدين الصحيح ، كما روى ابن عمر ، رضي اللَّه عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إذا تبايعتهم بالعينة ، وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم
الجهاد ، سلَّط اللَّه عليكم ذلاًّ لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم )) . رواه أبو داود ، وهو صحيح .
لذا وجب المسارعة إلى تحقيق ما يرفع عنا هذا الذل ، وهو : الرجوع إلى صفاء الوحيين ؛ الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح ، ولن يتسنَّى ذلك إلا بالعلم ، ولن يُكتب للمسلمين سؤدد ولا رفعة حتى يؤسسوا عملهم على العلم ويعرفوا له ولأهله قدره ، قال تعالى : { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء } [ الأنعام : 38 ] .
قال الإمام مالك ، رحمه اللَّه : بالعلم . (( شرح السنة )) للبغوي ، وفي (( صحيح مسلم )) عن عامر بن واثلة الليثي أن نافع بن عبد الحارث لَقِيَ عمر بِعَسَفان ، وكان عمر يستعمله على مكَّة ، فقال : من استعملت على أهل الوادي ؟ فقال : ابن أبزى ، قال : ومن ابن أبزى ؟ قال : مولى من موالينا ، قال : فاستخلفت عليهم مولى ؟ قال : إنه قارئ لكتاب اللَّه ، عز وجل ، وإنَّه عالم بالفرائض . قال عمر : أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال : (( إن اللَّه يرفع بهذا الكتاب أقوامـًا ، ويضع به آخرين )) .
وعن الحسن قال : كانوا يقولون : موت العالِم ثُلمة في الإسلام لا يسدّها شيء ما اختلف الليل والنهار .
وعن هلال بن خباب قال : سألت سعيد بن جبير قلت : يا أبا عبد اللَّه ، ما علامة هلاك الناس ؟ قال : إذا هلك علماؤهم . أخرجه الدارمي .
وقد قام العلماء – جزاهم اللَّه عنا خير الجزاء – في السابق واللاحق بواجبهم على أكمل وجه وأحسن صورة ، رغم كل ما لاقوه ويلاقونه من عراقيل وشدائد في سبيل إرشاد الأمة وترشيد الصحوة وإرجاع الناشئة للجادة الحق والطريق المستقيم .
وإني – أُشهد اللَّه – لأرجو أن يكون لي دورٌ في هذا العمل الإصلاحي ، وأن قدم شيئـًا لهذا الدين أحتسبه ذخرًا لي عند ربّ العالمين، يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلا من أتى اللَّه بقلبٍ سليم. وآخر دعوانا أن الحمد للَّه رب العالمين .

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا