عقائد الصوفية في ضوء الكتاب والسنة
مقام الغوثية
بقلم عميد مهندس : محمود المراكبي
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وبعد :
في هذا العدد نواصل حديثنا عن عقائد الصوفية ، من خلال توضيحنا لمقام الغوثية – فنقول – وبالله تعالى التوفيق :
غياب الغوث وديكتاتورية الأغلبية :
قد يغيب الغوث عن الديوان فلا يحضره ، فيحصل بين أولياء الله تعالى ما يوجب اختلافهم ، فيقع فيهم التصرف الموجب لأن يقتل بعضهم بعضًا ، فإن كان غالبهم اختار أمرًا وخالف الأقل من ذلك ، فإن الأقل يحصل فيهم التصرف السابق فيموتون جميعًا . (لا نعرف مسمى لهذا النوع من الديكتاتورية أم تراها تهدف إلا أن تركب الأقلية الموجة خشية القتل ، وهذا النوع من البطش لا يليق بالحكومات الظالمة ، فكيف يقع من صفوة الأولياء رواد الديوان ) .
سبب غياب الغوث :
إما لاستغراقه في مشاهدة الحق سبحانه ، وإما لكونه في بداية توليته بعد موت الغوث السابق ، لذا فإنه قد لا يحضر في بداية الأمر حتى تتأنس ذاته شيئًا فشيئًا .
حضور النبي صلى الله عليه وسلم في غياب الغوث :
يحصل لأهل الديوان من الخوف والجزع ، من حيث يجهلون العاقبة من حضور النبي صلى الله عليه وسلم ما يخرجهم عن حواسهم ، حتى إنه لو طال ذلك أيامًا كثيرة لانهدمت العوالم .
من يحضر سوى الأولياء :
لِمَ يحضر الجن والملائكة ؟
إن الأولياء يتصرفون في أمور تطيق ذواتهم الوصول إليها ، وفي أمور أخرى لا تطيق ذواتهم الوصول إليها ، فيستعينون بالملائكة والجن فيها .
هل يحضر نساء في الديوان ؟
نعم يحضره النساء وعددهن قليل ، وصفوفهن ثلاثة وذلك من جهة الأقطاب الثلاثة التي على اليسار خلف الصف الأول . (لاحظ النساء ممثلات في الديوان ويجلسن في ناحية الأحناف والشافعية والحنابلة ، وبالطبع بعيدات عن المالكية ) .
سبب قيام الساعة :
لا دخل للمجاذيب في الديوان ، ولا بأيديهم تصرف ، وإذا بلغ إليهم التصرف هلك الناس ، فإذا كان كبير الديوان – أي الغوث – منهم ، وليس معه عقل تمييز فيقع الخلل في التصرف ، ويكون ذلك سببًا في خروج الدجال .
لا شك أن حجم الضلال والبهتان في موضوع الديوان والممكلة الباطنية أكبر مما يظن أتباع الصوفية ، وحين قَبِلَ المريدون من مشايخهم تقسيم الدين إلى ظاهر وباطن ، فإنهم لا يدركون أن هذا الباطن يلغي توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ، ويشكك في أسماء وصفات مالك الملك عز وجل ، فالدنيا تسير بتصريف القطب وأتباعه ، والقيامة تقوم إذا تولى تصرف الكون مجذوب لا يدري من أمر نفسه شيئًا ، والمجذوب لا يأمنه عاقل على بضاعة يبيعها للناس ، فكيف يقبل الناس أن يتولى مجذوب تصريف شئون الكون فيقع الخلل ويخرج الدجال وتقوم الساعة ، وسبحانك ربنا هذا بهتان عظيم ، وأعانهم عليه قوم آخرون ، ومن علامات الحق أنه واحد أبلج لا اختلاف فيه ، ومن علامات الباطل أنه لجلج وظلمات بعضها في بعض ، وأنه لا يتفق فيما بينه أبدًا ، وقد تحدث بعض الصوفية في كتبهم عن الديوان ؛ منهم الدباغ والخواص والشعراني ، ويقول التيجاني : ( رماح حزب الرحيم في نحور حزب الرجيم لعمر بن سعيد 2 : 214) أنه رأى في الديوان سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام يطلب الدعاء من سيده منصور ، فما أيسر ادعاء الناس بالباطل ودون دليل أو برهان ، فلا حاجز يمنع اللسان من أن يخوض ويصول ويجول ، فما أيسر أن يغلف الشيطان هذه الأقوال بثياب الفتوح والإلهام وتلبيس التوحيد لله عز وجل ، وحقيقة الأمر أنها غياهب الضلال وإلهامات الشياطين .
خامسًا الحكومة الباطنية :
لا شك أن ما قدمناه من بيان حول مقامات الصوفية ودرجاتهم ، والديوان واجتماعات الأقطاب والأبدال والأوتاد قد أعطى تصورًا واضحًا عن مدى الهلوسة في الفكر الصوفي وتأثره بالأفكار الباطنية ، فهذه الهيئة الصوفية الباطنية المختفية عن الأنظار تماثل تمامًا فكرة غياب المهدي في السرداب وتصريفه للأمور إلى أن يخرج للشيعة ، ويفعل الأفاعيل بأهل السنة ، إن مفاهيم الدباغ غاية في الخطورة ، فالرجل يزعم والصوفية من ورائه أن أهل الديوان يتصرفون في جميع العوالم ، ولا يقف افتراء الرجل عند هذا الحد ، بل يتجاوزه بجرأة ووقاحة بالغتين ، حين يزعم أنهم يتصرفون في الحجب السبعين التي فوق العرش وهو بهذا يخفي مراده ، فالرحمن على العرش استوى ، فلم يبق للدباغ إلا أن يقول : إن أهل الدايون يتصرفون في حجب عظمة الله عز وجل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، سبحانك ربنا وإليك المصير ، ويومئذ توفى كل نفس ما كسبت وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
ومن أغرب الكتب التي اطعلت عليها ، كتاب ألفه حسن محمد الشرقاوي الحاصل على الدكتواره في الفلسفة الإسلامية ، وقد سمى كتابه (الحكومة الباطنية) ويهديه (ص5) إلى : (الخائفين ليثبتوا ، والمتشك


