الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

تحت راية التوحيد

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

تحت راية التوحيد
لفضيلة الشيخ عبد اللطيف محمد بدر
– 8-

نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يستغاث به في حال حياته فكيف بذلك بعد مماته صلوات اللَّه وسلامه عليه، وكيف بغيره من الأحياء أو الأموات؟ وهو سيد الأنبياء والأولياء.
روى الطبرانى في معجمه الكبير أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين فقال أبو بكر رضي اللَّه عنه قوموا بنا نستغيث برسول صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق فقال صلى الله عليه وسلم: ((إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث باللَّه)).
ولا شك أن الصديق رضي اللَّه عنه كان يقصد بهذه الاستغاثة أن ينهى الرسول صلى الله عليه وسلم المنافق عن هذا الأذى وذلك مما يقدر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كره هذا التعبير- نستغيث برسول اللَّه- وردهم إلى الاستغاثة باللَّه وحده لأنه لا يقدر على تحويل قلب هذا المنافق عن إرادة الشر بالمؤمنين إلا اللَّه رب العالمين فهو الذي يقلب القلوب كيف يشاء.
فأين من ذلك الذين يستغيثون بمن هم دون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الفضل والقرب من اللَّه تعالى؟ وأين منه هؤلاء الذين يسمعون الاستغاثة بهم من أتباعهم ثم لا يغضبون كما غضب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وينهون أتباعهم عن ذلك ولا يقول أحدهم كما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((إنه لا يستغاث بي، ولكن يستغاث باللَّه))، وقد علم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ابن عمه عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما ألا يسأل إلا اللَّه وألا يستعين إلا باللَّه: ((وإذا سألت فاسأل اللَّه وإذا استعنت فاستعن باللَّه)). رواه الترمذي وقال حسن صحيح ولا شك أن هذا تعليم لأمته كذلك.
وقد ورد في القرآن الكريم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يستغيثون باللَّه وحده إذا وقعت بهم شدة- في أكثر من موضع يقول اللَّه تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9].
وقد أمرنا اللَّه تعالى أن نقول في كل ركعة من ركعات الصلاة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]. فكما أن العبادة لا تكون إلا لله كذلك الاستعانة لا تكون إلا به، فالعون منه سبحانه والمدد من عطائه، فهو جل شأنه يمد من يشاء من عباده بما يشاء من فضله، وليس عطاء اللَّه حكرًا على أحد، ولا ملكًا لأحد من خلقه مهما كانت منزلته فيعطى من يشاء ويمنع من يشاء، قال اللَّه تعالى: {كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا} [الإسراء: 20]، {قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لاَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا} [الإسراء: 100].
فهل الذين يدعون مع اللَّه غيره ويستغيثون بخلقه ولو كانوا أنبياء أو أولياء، وهل الذين يطوفون بالقبور ويقبلونها ويسألون المقبورين ويتضرعون إليهم أو يحلفون بهم وينذرون لهم، هل عندهم من سلطان بذلك من كتاب اللَّه تعالى أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم أو حتى سنة الخلفاء الراشدين فيخرجوه لنا أم يقولون ويفعلون ما لا يعملون؟ {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [النمل: 64].
قليلا من التصبر والتدبر والتجرد من الأهواء والانقياد الأعمى- أيها المسلمون- يرينا الحق في ذلك واضحا بينا فماذا بعد الحق إلا الضلال؟
قد يقول قائل: إني أتوجه إلى الأولياء والصالحين بهذه الأقوال وهذه الأفعال لا بقصد عبادتهم وإنما ليشفعوا لى عند اللَّه فهم أقرب إليه منى وأنا عبد مذنب خطاء.
وهذه حجة داحضة لأن اللَّه تعالى فتح بابه وبسط يده لكل تائب مستغفر، ولم يجعل بينه وبين عباده وسيطا من خلقه. قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]- وقال تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء:110].
وروى مسلم عن أبي موسى الأشعرى رضي اللَّه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن اللَّه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها))، بل إن اللَّه تعالى أفرح بتوبة العبد وإنابته إليه روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة)) أي: وجد بعيره بعد أن فقده في أرض واسعة لا ماء فيها ولا نبات وليس له راحلة سواه تبلغه مأمنه.
إن ادعاء أنه لا بد من واسطة بين اللَّه وبين خلقه هو الذي جع

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا