كلمة التحرير
يكتبها رئيس التحرير/ صفوت الشوادفي
اليهود .. والهجرة النبوية
الحمد لله … والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد :
تذكر المصادر التاريخية أن اليهود قد نزحوا إلى الجزيرة العربية سنة 70 م بعد حرب اليهود والرومان ، والتي انتهت إلى خراب بلاد فلسطين ، وتدمير هيكل بيت المقدس .
ومن الثابت في ضوء التاريخ أن اليهود يحبون العداوة والبغضاء حبًّا جَمًّا ! وهم يعادون ويكرهون كل البشر ، حتى إنهم يعادي بعضهم بعضًا ، ويقتل بعضهم بعضًا ؛ يقول الدكتور إسرائيل ولفنسون في كتابه ( تاريخ اليهود ) : ( قد كانت هناك عداوة بين بني قينقاع وبقية اليهود ؛ سببها أن بني قينقاع كانوا قد اشتركوا مع بني الخزرج في يوم ( بُعاث ) ، وقد أثخن بنو النضير وبنو قريظة في بني قينقاع ومزقوهم كل ممزق !! مع أنهم دفعوا الفدية عن كل من وقع في أيديهم من اليهود من الأسرى ! وقد استمرت هذه العداوة بين البطون اليهودية بعد يوم بعاث ) .
وقد بين القرآن الكريم هذه العداوة بين اليهود في قول الحق جل وعلا : ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ(84)ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ) [ البقرة : 84 ، 85] ، وقد استعمل اليهود الدسائس والمؤامرات والعتو والفساد – كما هي عادتهم دائمًا – في نشر العداوة والشحناء بين القبائل العربية المجاورة ، وكانوا يغرون بعضها على بعض بكيد خفي لم تكن تشعر به القبائل ، فيقعون في حروب دامية متواصلة ، وتظل أنامل اليهود تؤجج نيرانها كلما رأتها تقارب الخمود والانطفاء ، كما قال الله عز وجل : ( كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ) [ المائدة : 64] .
· وقبل أن يبعث الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم كان اليهود يعترفون بنبوته ، ويقرون برسالته !! وقد نقل ابن كثير عن ابن إسحاق عن أشياخ من الأنصار أنهم قالوا : كنا قد علونا اليهود قهرًا دهرًا في الجاهلية ! ونحن أهل شرك ، وهم أهل كتاب وهم يقولون : إن نبيًّا سيبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه فنقتلكم معه قتل عادٍ وإرم !! فلما بعث الله رسوله من قريش واتبعناه كفروا به ! ونقل أيضًا عن ابن إسحاق بسنده إلى ابن عباس ، رضي الله عنهما ، أنه قال : إن يهودًا كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه ؛ فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه ، فقال لهم معاذ بن جبل ، وبشر بن البراء ، وداود بن سلمة : يا معشر يهود ، اتقوا الله وأسلموا ؛ فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ونحن أهل شرك ، وتخبروننا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته ، فقال سلام بن مشكم أخو بني النضير : ما جاءنا بشيء نعرفه ، وما هو بالذي كنا نذكر لكم !! فأنزل الله في ذلك قوله : ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) [ البقرة : 89] ؛ أي اليهود .
وقال أبو العالية : ( كانت اليهود تستنصر بمحمد صلى الله عليه وسلم على مشركي العرب يقولون : اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوبًا عندنا حتى نعذب المشركين ونقتلهم ؛ فلما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم ورأوا أنه من غيرهم كفروا به حسدًا للعرب ، وهم يعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) (1) .
وهكذا أنكر اليهود النبوة بعد اعترافهم بها ، وجحدوا الرسالة بعد إقرارهم لها ، وكذلك يفعلون في كل عهد ووعد ، فلا يستغرب اليوم من صنيعهم إلا من لا يعرف تاريخهم !
· وعندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان الأنصار يخرجون كل يوم بعد صلاة الصبح إلى ظاهر المدينة يترقبون وصوله ويدخلون بيوتهم آؤا اشتد الحر ، وكان اليهود يراقبون صنيع الأنصار في قلق واضطراب ، حتى إن أول من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قادمًا إلى المدينة رجل من اليهود ! فصرخ اليهودي بأعلى صوته ، وأخبر الأنصار بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم كفروا بما أخبرتهم به كتبهم ، وجحدوا ما أقرت به – قبل ذلك – ألسنتهم !!
* وقد واصل اليهود جحودهم وإنكارهم للحق – كما يفعلون اليوم – فقد روى البخاري قصة إسلام عبد الله بن سلام ، رضي الله عنه ، وكان حبرًا من كبار علماء اليهود ، ولما سمع بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه م


