الخميس 6 جمادى الآخرة 1447 27-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الخميس 6 جمادى الآخرة 1447 27-11-2025

الوحشة والرفيق

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

الافتتاحية
الوحشة والرفيق ‏
بقلم الرئيس العام / محمد صفوت نور الدين

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين محمد وعلى آله ‏وصحبه ومن تبعه إلى يوم الدين ، وبعد :‏
فإن الإسلام حث على فضائل ، وحذر من رذائل ، الأخذ بذلك نجاة في الدارين ‏وسلامة للعبد ومن حوله ، ومن ذلك اختيار الصحبة الصالحة .‏
ففي ( الصحيحين ) من حديث أبي موسى الأشعري ، رضي الله عنه ؛ أن النبي ‏صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ‏ونافخ الكير ، فحامل المسك : إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع (1) منه ، وإما أن ‏تجد منه ريحًا طيبةً ، ونافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحًا ‏منتنة ) .‏
وفي سنن أبي داود والترمذي من حديث أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أن النبي صلى ‏الله عليه وسلم قال : ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) .‏
وعندهما أيضًا من حديث أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله ‏عليه وسلم قال : ( لا تصاحب إلا مؤمنًا ، ولا يأكل طعامك إلا تقي ) .‏
وفي ( الصحيحين ) من حديث أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : ( تنكح المرأة ‏لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ‏‏) .‏
قال النووي : معناه أن الناس يقصدون في العادة من المرأة هذه الخصال الأربع ، ‏فاحرص أنت على ذات الدين واظفر بها ، واحرص على صحبتها .‏
والمسلم في الصحبة الصالحة يستعين بها على مواجهة الفتن والثبات على طريق ‏الرشد .‏
هذا ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التبدي – سكنى البادية – لما فيه من ‏البعد عن الجماعة التي يستعين بها على دينه ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم ‏المسلم بالهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام ، والهجرة من بلد المعصية إلى بلد ‏الطاعة ، والهجرة من بلد الكفر التي لا يستطيع أن يقيم فيها دينه – ولا توجد بلد ‏إسلام – إلى بلد كفر يستطيع أن يقيم فيها دينه ، كهجرة أصحاب النبي صلى الله ‏عليه وسلم من مكة إلى الحبشة .‏
يقول في ( منار السبيل ) : والهجرة واجبة على كل من عجز عن إظهار دينه ‏بمحل يغلب فيه حكم الكفر والبدع المضلة ، بحيث يمنع من فعل الواجبات ؛ لأن ‏ما لا يتم الواجب إلا به واجب ، وكذا إن خاف الإكراه على الكفر ؛ لقوله تعالى : ‏‏( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي ‏الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ) [ النساء : 97] .‏
وعنه صلى الله عليه وسلم قال : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين لا ‏تراءى نارهما ) .‏
وعن معاوية مرفوعًا : ( لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة ‏حتى تطلع الشمس من مغربها ) .‏
ففي بلاد الإسلام توجد كثرة مسلمة وقلة من غير المسلمين ، فيسير المسلم في طريقه ‏يلقي السلام على من عرف ومن لم يعرف ؛ لأن الغالبية من المسلمين وإن لم ‏يتميزوا في زيهم وهيئتهم ، ويشتري اللحم ممن يبيعه بغير سؤال عن حل الذبح ؛ ‏لأن الغالب عليهم الإسلام .‏
وتخرج فئات من المسلمين وشبابهم إلى بلاد الكفر سعيًا وراء مال يجمعونه ، أو ‏دنيا يصيبونها كلهم – إلا من رحم ربي – ولم يتحصنوا في دينهم وعقيدتهم ؛ لذا ‏فإن شبهات الكافرين تتسرب إليهم رويدًا رويدًا ، فتراهم يتشككون في الجليات ‏الواضحات ، ويستريبون في المستيقنات ، ويردون البديهيات ، فإن بقوا هناك ‏فإنهم يلدون ذرية لا تعرف من الإسلام الاسم ولا الرسم ، وإن عادوا إلى بلاد ‏المسلمين فيعودون بأفكار حملوها معهم ، فيجدون لهم من أبناء المسلمين منصتين ‏وسامعين ، خاصة وأن التحصن بالعلم النافع في كثير من بلاد المسلمين صار هامشيًا ‏جانبيًّا وتعلم القرآن ولغته صار في كثير من بلاد المسلمين رجعية وتخلفًا ، وإدخال ‏الكلمات الأجنبية رقيًّا وتقدمًا ، فيهدمون من الصدور إيمانًا ، ويزعزون من أعمال ‏الناس كثيرًا مما هو من مسالك المسلمين ، فيؤثرون على كثير من البسطاء والشباب ‏‏، ويتركون بذلك شبابًا لا يعرف من الإسلام إلا اسمه ، ولا من الدين إلا رسمه ، ‏فتبقى صورة الإسلام بغير حقائق ، بل سرعان ما تزول الرسوم بعد زوال الحقائق ‏والمعتقدات ، وإن الاحتلال الذي أصاب بلاد المسلمين دخل عليهم ليهز بخبث ‏ومكر معتقداتهم ، فلما اهتزت وضعفت انهارت الصور والأشكال ، فلما قامت ‏امرأة واحدة في جمهرة من النساء بنزع النقاب عن وجهها ، والذي بقي على ‏وجهها قرونًا طويلة تبعها جميع النساء من حولها بنزع النقاب ، بل وداسوه ‏بالأقدام ، فما هي سوى أعوام قليلة حتى كشفت الأفخاذ والصدور ، وجسمت ‏الثياب ما لم يُكشف من مفاتن المرأة ، فلما كان الوجه مستورًا كان الدن كذلك ، ‏فلما كشف الوجه هان كشف بقية البدن .‏
هذا ، و

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا