الخميس 6 جمادى الآخرة 1447 27-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الخميس 6 جمادى الآخرة 1447 27-11-2025

الكعبة والمشاعر المقدسة

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

كلمة التحرير
الكعبة .. والمشاعر المقدسة
بقلم رئيس التحرير
الشيخ / صفوت الشوادفي

الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد :
فقد وعدنا – في العدد السابق – أن نكمل الحديث عن الكعبة والمشاعر المقدسة ؛ بعد أن تحدثنا عن شيء من أخبار مكة ، وفضائلها (1) ، فنقول مستعينين بالله :
قال الله عز وجل : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ(96)فِيهِ ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) [ آل عمران : 96 ، 97] ، وقال سبحانه : ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) [ البقرة : 127] .
قال ابن كثير ، رحمه الله : يذكر تعالى عن عبده ورسوله وصفيه وخليله إمام الحنفاء ووالد الأنبياء ، عليه أفضل صلاة وتسليم ، أنه بنى البيت العتيق الذي هو أول مسجد وُضع لعموم الناس يعبدون الله فيه ، وبوَّأه الله مكانه ؛ أي أرشده إليه ، ودله عليه ؛ وهو المكان المهيأ له ، المعين لذلك منذ خلق الله السماوات والأرض ، كما ثبت في ( الصحيحين) : ( أن هذا البلد – أي مكة – حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ) ؛ ولم يجئ في خبر صحيح عن معصوم أن البيت كان مبنيًّا قبل الخليل ، عليه السلام ، ومن تمسك في هذا بقوله : ( مَكَانَ الْبَيْتِ ) [ الحج : 26] ، فليس بناهض ولا ظاهر ؛ لأن المراد مكانه المقدّر في علم الله ، المقرر في قدرته ، المعظم عند الأنبياء موضعه من لدن آدم إلى زمان إبراهيم . [ البداية والنهاية ( 1 / 53) ] .
ثم قرر ابن كثير ، رحمه الله ، ما قرره أهل العلم قبله وبعده أن الإسرائيليات لا تصدق ولا تكذب ولا يحتج بها في ذاتها .
وذكر أن الخليل صلى الله عليه وسلم بنى أشرف المساجد في أشرف البقاع بواد غير ذي زرع ، ودعا لأهله بالبركة ، وأن يرزقوا من الثمرات ، مع قلة المياه ، وعدم الأشجار والزروع والثمار ، وأن يجعله حرمًا آمنًا ، وسأل الله أن يبعث فيه رسولاً منهم ؛ أي من جنسهم وبلغتهم ، فاستجاب الله له ، ولبى طلبه في كل ما سأله ، ولما كان إبراهيم ، عليه السلام ، هو باني الكعبة لأهل الأرض استحق أن يكون منصبه ومحله ، وموضعه في منازل السماوات ، ورفيع الدرجات عند البيت المعمور الذي هو كعبة أهل السماء السابعة كما ثبت في ذلك في حديث الإسراء والمعراج ، وعندما بنى إبراهيم البيت وضع الحجر الأسود في مكانه الذي هو فيه اليوم ؛ وقد ثبت أن الحجر الأسود نزل من الجنة ، وكان عند نزوله أشد بياضًا من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك .
قال المحب الطبري : في بقائه أسود عبرةً لمن له بصيرة ، فإن الخطايا إذا أثرت في الحجر الصلد فتأثيرها في القلب أشد .
وأما مقام إبراهيم الذي ذكره الله في كتابه ؛ فهو الحجر الذي كان يقف عليه قائمًا لما ارتفع البناء عند قامته ، فوضع له إسماعيل ، عليه السلام ، هذا الحجر المشهور ليرتفع عليه لما تعالى البناء ، وقد كان ملصقًا بجدار الكعبة ، ثم نقل قليلاً عن موضعه الأصلى إلى ما هو عليه الآن ، وقد استمرت الكعبة على ما بناها عليه الخليل مدة طويلة ، ثم بنتها قريش في الجاهلية – وكانوا يعظمون الكعبة – ولكنهم لم يبنوها على قواعد إبراهيم ، فأخرجوا حجر إسماعيل من البيت ، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة الذي في ( الصحيحين) ؛ وهذا هو السر في عدم صحة طواف من يطوف من داخل حجر إسماعيل ؛ لأن الحِجْر جزء من البيت ، وكذلك لا يصلى في حِجْر إسماعيل صلاة الفريضة ، والنافلة على خلاف ؛ لأنه لا يكون مستقبلاً لكل البيت .
كسوة الكعبة : روى البخاري في ( صحيحه ) من كتاب الحج ، فقال : باب كسوة الكعبة ، ثم ذكر حديثًا في ذلك ، ونقل ابن حجر قول ابن بطال : إن الملوك في كل زمان كانوا يتفاخرون بكسوة الكعبة برفيع الثياب المنسوجة من الذهب وغيره ، كما يتفاخرون بتسبيل الأموال لها – أي ؛ جعلها سبيلاً ووقفًا على الكعبة – ثم ذكر الحافظ كلامًا طويلاً في ( الفتح ) ( 3 / 536) عن بدء كسوة البيت الحرام ، فتحصل له في أول من كساها مطلقًا ثلاثة أقوال : إسماعيل ، وعدنان ، وتبعَّ ؛ فأما إسماعيل ، عليه السلام ، فهو أول من كساها مطلقًا ، وأما تبع فأول من كساها الأنطاع والوصائل ، وأما عدنان فأول من كساها بعد إسماعيل .
وأما أول من كساها الديباج ، فقد ذكر في ذلك ستة أقوال : خالد ، أو نتيلة ، أو معاوية ، أو يزيد ، أو ابن الزبير ، أو الحجاج ، ثم جمع بينها ، وأزال تعارضها ، فقال : كسوة خالد ونتيلة لم تشمل كل الكعبة ؛ وإنما كان فيما كساها شيء من

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا