الفتاوى
الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة !!
يسأل القارئ : أحمد خالد عبد العزيز – صدفا – أسيوط – يقول :
بنت عمي رضعت معي أكثر من خمس مرات ، ولكن غير مشبعات ، والحديث الشريف يقول : ( خمس رضعات مشبعات ) ، فهل يجوز لي الزواج منها ؟
والجواب : أنه لم يرد في الحديث لفظ مشبعات ، كما ذكرت ، إنما أحاديث الرضاع جاء فيها : حديث عائشة ، رضي الله عنها ، عند الشيخين : ( إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة ) .
وحديث ابن عباس عندهما : ( يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ) .
وحديث عائشة ، رضي الله عنها ، عندهما أيضًا : ( إنما الرضاعة من المجاعة ) .
وحديث أم الفضل عند مسلم : ( لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان والمصة ولا المصتان ) .
وحديث عائشة عند مسلم و ( الموطأ) : ( كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات تحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن ) .
هذا ، ويقول القرطبي في ( المفهم ) : (خمس رضعات معلومات) ، فوصفها بالمعلومات ، إنما هو تحرز مما يتوهم أو يشك في وصوله إلى الجوف من الرضعات ، ويفيد دليل خطابه : أن الرضعات إذا كانت غير معلومات لم تحرم ، أما كلمة مشبعات فهي متعذرة المعرفة ؛ لأن الراضع طفل لا يخبر عن الشبع إذا سُئل .
قال النووي : اختلف العلماء في العذر الذي يثبت حكم الرضاع ، فقالت عائشة والشافعي وأصحابه : لا يثبت الرضاع بأقل من خمس رضعات ، وقال جمهور العلماء : يثبت برضعة واحدة .
وقال البغوي : قال أحمد : إن ذهب ذاهب إلى قول عائشة في خمس رضعات فهو مذهب قوي .
هذا ، والرضعة هي ما التقم الطفل فيها الثدي ، فمصه فنزل به اللبن ، ثم تركه بنفسه من غير نزع ، أو إزعاج ، فإن عاد إليه ولو بعد وقت يسير فهي رضعة أخرى ، وبذلك يتصور عدة رضعات في مجلس واحد .
بهذا ، فإن البنت المذكورة أخت لك من الرضاع ولا يجوز لك زواجها .
لذلك ننصح إذا عرف أصل الرضاع نمنع الزواج دون السؤال عن عدد الرضعات ، وإنما نبحث عن أصل الرضاع إذا وقع الزواج وترتبت عليه آثاره فكان منه الولد .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ، رحمه الله تعالى : إذا ارتضع الطفل أو الطفلة من امرأة خمس رضعات في الحولين ، فقد صار ولدها من الرضاعة وصار الرجل الذي در اللبن بوطئه أبًا من الرضاعة ، وأخوة المرأة أخواله وخالاته ، وأخوة الرجل أعمامه وعماته وآباؤهما أجداده وجداته وأولاد كل منهما إخوته وأخواته ، وكل هؤلاء حرام عليه ، فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ، وكذلك أولاد هذا المرتضع يحرمون على أجداده وجداته وإخوته وأخواته وأعمامه وعماته ، وأخواله وخالاته من الرضاعة ، وهذا كله باتفاق المسلمين ، فيثبت حرمة الرضاع من جهة الأبوين ومن جهة الولد .
وأما أبو المرتضع من النسب وأمهاته وإخوته من النسب فكل هؤلاء أجانب من المرضعة وأقاربها باتفاق العلماء ، فيجوز لأخيه من النسب أن يتزوج أخته من الرضاع ، ويجوز لجميع إخوة المرتضع أن يتزوجوا بمن شاءوا من بنات المرتضعة ، سواء في ذلك التي أُرضعت مع الطفل وغيرها ، ولا يجوز للمرتضع أن يتزوج أحدًا من أولاد المرضعة لا بمن ولد قبل الرضاع ، ولا من ولد بعده باتفاق العلماء ، وكثير من الناس يغلط في هذا الموضوع فلا يميز بين إخوة المرتضع من النسب الذين هم أجانب من المرأة ، وبين أولاد المرضعة الذين هم إخوته من الرضاع ويجعل الجميع نوعًا واحدًا ، وليس كذلك .
وقال شيخ الإسلام أيضًا : الرضعة أن يلتقم الثدي فيشرب منه ، ثم يدعه ، فهذه رضعة ، فإذا كان في كرّة واحدة قد جرى له خمس مرات ، فهذه خمس رضعات ، وإن جرى ذلك خمس مرات في كرتين فهو أيضًا خمس رضعات ، وليس المراد بالرضعة ما يشربه في نوبة واحدة في شربه ، فإنها قد ترضعه بالغداة ، ثم بالعشي ويكون في كل نوبة قد أرضعته رضعات كثيرة ، والله أعلم .
الغسل والوضوء والتيمم من الطهارة التي تلزم المسلم في صلاته
ويسأل : أيمن رفعت العسقلاني : ديروط – جرف سرحان :
عمن توضأ وخرج منه ريح ، فإن عاد إلى الوضوء لم يصب مكان الريح ، فهل يصح وضوؤه أم يلزم الاستنجاء ؟
والجواب : أن الغسل والوضوء والتيمم من الطهارة التي تلزم المسلم في صلاته ، فلا تقبل صلاة محدث حتى يتوضأ ، ولا جنب حتى يغتسل ، وليس المقصود غسل عضو وقت الجنابة ، أو الحدث بسببه ، فإن النوم وزوال العقل وأكل لحم الإبل من نواقض الوضوء على الراجح ، فضلاً عما خرج من أحد السبيلين ، سواء البول أو الغائظ أو دم الحيض أو النفاس أو دم المرض والفساد أو المذي ، وكذلك الريح ، كل ذلك ينقض الوضوء ، والأعضاء المغسولة هي الأعضاء الأربع التي ذكرها رب العزة في قوله : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا


