أسئلة القراء عن الأحاديث
إعداد
الشيخ محمد عمرو
يسأل القارئ / عبد اللطيف عبد الحميد – محافظة سوهاج – مركز جرجا عن حديث نقله من ” الأذكار النووية ” باب القنوت فى الصبح ، وهو حديث أنس ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت فى الصبح حتى فارق الدنيا ” رواه الحاكم أبو عبد الله فى كتاب ” الأربعين ” وقال : ” حديث صحيح ” ، ويسأل أيضاً عن حكم القنوت فى صلاة الصبح .
والجواب : أنه حديث منكر – كما قال أخى أبو إسحاق الحوينى حفظه الله فى تحقيق ” مجلسان من أمالى الصاحب نظام الملك ” (8) وخرجه أيضاً فى ” النافلة ” (21) وقال : ” منكر جداً ” أخرجه أحمد ( 3/162 ) ، وابن أبى شيبة ( 2/312 ) .. إلخ ، من طريق أبى جعفر الرازى ، عن الربيع بن أنس ، عن أنس … فذكره . وعزاه ابن القيم فى ” الزاد ” ( 1/275 ) للترمذى ، والنووى فى ” الخلاصة ” – كما فى ” نصب الراية ” ( 2/132 ) للحاكم فى ” المستدرك ” فوهما . فلم يروه الترمذى أصلاً ، وأما الحاكم فلم يروه فى ” المستدرك ” بعد البحث والتتبع ثم وجدت الحافظ قال فى ” التلخيص ” ( 1/245 ) : ” وعزاه النووى إلى ” المستدرك ” للحاكم ، وليس هو فيه ، وإنما أورده وصححه فى جزء له مفرد فى القنوت ، ونقل البيهقى تصحيحه عن الحاكم ، فظن الشيخ أنه فى ” المستدرك ” أ . هـ .
وهذا الحديث اختلفت فيه أنظار العلماء : فقواه جماعة من أهل العلم : قال البغوى : ” قال الحاكم : إسناد هذا الحديث حسن ” وقال البيهقى : ” قال أبو عبد الله – يعنى الحاكم – : هذا حديث صحيح سنده ، ثقة رواته . والربيع بن أنس تابعى معروف .. ” الخ ، حتى قال : ” قلت : وهذا التصحيح عرى من الدليل . أما الحاكم فجعل يطيل الكلام حول الربيع بن أنس ، وما لنا عليه من نقد ، بل هو صدوق فى نفسه ، لا بأس به ، ولكن قال ابن حبان : ” الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبى جعفر عنه ، لأن فى أحاديثه عنه اضطراباً كثيراُ ” أ هـ . وهذا الحديث منها . وقد تفرد به أبو جعفر الرازى ، واسمه عيسى بن ماهان ، وقد تكلموا فيه طويلاً بما حاصله أنه صدوق سىء الحفظ ، كما قال ابن خراش ، أو ” صدوق ليس بالمتقن ” كما قال زكريا الساجى . ومعروف أنه سىء الحفظ لا يحسن حديثه فضلاً عن أن يصحح لا سيما إذا تفرد به ، بل يُضعف . وقد تفرد به المذكور فهو ضعيف بغير شك ، وروايته عن الربيع فيها اضطراب كثير كما وقع فى كلام ابن حبان . وقد تعقب ابن التركمانى البيهقى فى إقراره تصحيح الحاكم ، بقوله : ” كيف يكون سنده صحيحاً وراويه عن الربيع أبو جعفر عيسى بن ماهان الرازى ، متكلم فيه ، وقال ابن حنبل والنسائي : ” ليس بالقوى ” . وقال ابو زرعة : ” يهم كثيراً ” .
وقال الفلاس : ” سىء الحفظ ” . وقال ابن حبان : ” يحدث بالمناكير عن المشاهير ” أ هـ . وقال ابن الجوزى : ” هذا حديث لا يصح ، قال أحمد : أبو جعفر الرازى مضطرب الحديث . وقال ابن حبان : ينفرد بالمناكير عن المشاهير ” أهـ .
وأحيل القارئ على سائر هذا التحقيق ، فإنه نفيس ، لكن المقام لا يتسع إلا لهذا القدر . والحاصل أن اعتبار القنوت فى صلاة الصبح من سننها ، والغلو فى هذا الأمر إلى حد إيجاب سجود السهو لمن نسيه ، وإبطال صلاة من تعمد تركه ، إنما هو أمر لا دليل عليه فيما صح عن النبى صلى الله عليه وسلم .
أما بنية النازلة – بدعائها المخصوص الثابت فى الأحاديث وآثار الصحابة – فالقنوت فى الصبح تارة ، وفيه والمغرب أو فيه والظهر والعشاء ، أو فى الخمس صلوات من آكد السنن عن النبى صلى الله عليه وسلم ، وعليه المحققون من أ÷ل العلم . وقد تعرضت لهذه القضية فى الجزء الثانى من ” تبييض الصحيفة ” حديث : ” قنت فى صلاة الصبح .. ” وأبديت تعجبى وأسفي ممن ينكرون كون العالم الإسلامى الآن فى نازلة !
وقد أجاز الشيخ ابن عثيمين حفظه الله فى كتاب له عن الصلاة القنوت فى النازلة لكل من الإمام – مطلقاً – والمنفرد ، فى مقابلة تشدد بعض الحنابلة فى شرط الإمام الذى يُشرع له القنوت . والله المستعان .
* ويسأل القارئ / ممدوح حمدان محارب – قنا – قفط – القلعة ، عن صحة حديث : ” الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ” ، حيث رآه فى كتاب ( السعادة بين الحقيقة والوهم ) ، الذى كان هدية المجلة بتاريخ ذى القعدة 1414 هـ .
فالجواب : أنه حديث صحيح ، رواه الإمام أحمد ( 2/323 ، 389،485 ) ومسلم ( 8/210 ) والترمذى ( 2324 ) وابن ماجه ( 4113 ) وابن حبان فى ” صحيحه ” كما فى ” الإحسان ” ( 687 ، 688 ) والبغوى فى ” شرح السنة ” ( 4104 ، 4105 ) وغيرهم من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن الحُرقى عن أبيه عن أبى هريرة مرفوعاً به ، نعم ، سُئل عنه الحافظ الدارقطنى رحمه الله كما فى ” علله ” ( س 1602 ) فأجاب بما محصلة أنه مختلف فيه على شعبه عن العلاء رفعاً ووقفاً ، والمترجح من ذلك أنه أوقفه – أو لعله رواه على الوجهين – وأن يحيى الحمانى وهم فى إ


