الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

يا حسرة على العباد

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

يا حسرة على العباد
فضيلة الشيخ:محمد حسين يعقوب

يقول اللَّه تعالى : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ } [ آل عمران : 110 ] .
وقال تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } [ البقرة : 143 ] .
المسلمون يمتلكون الحق ، ويفتقدون الوسائل
إخواني في اللَّه ، إني أحبكم في اللَّه :
من الواضح لمستقرئ الأحوال في هذه الأيام أن صراعنا مع الباطل صار صراعـًا نكدًا أليمـًا ، فقد بلغ دعاة الباطل من القوة ما لم يبلغوا في يوم من الأيام ، وعرفوا من الوسائل والأساليب ما تشيب له النواصي – ومع شديد الأسف – الحق باهـت داكن ، أضاعه أهله بين الناس ، وأضاعوه في أنفسهم .
حقـًّا إن المسلمين يمتلكون الحق ، ولكنهم يعدمون كل وسيلة للحفاظ عليه ، أو الدفاع عنه ، حتى في أنفسهم وأبنائهم ، فكيف يبلغونه للناس ؟!
ولذا ؛ شحب مظهر الحق الذي بأيديهم ، واربدَّ لونه ، وغدا حقهم شبيهـًا بالباطل في أعين الناس . وأعداء المسلمين يمتلكون كل وسيلة ، ويفقدون الغاية ، وينظر الناس إليهم فيفتنون بهم ، ويحسبون باطلهم شيئـًا . ودعاة الحق لا يقدرون على شيء من ذلك ، فما السبيل ؟!
الأمة في احتياج إلى بعث كامل
لا شك أن أُمتنا تحتاج إلى بعث كامل في جميع مناحي الحياة ، ولذا فلا بد لنا أن نقول : إن نهوض الأُمة ومعاودة إخراجها من جديــد ،
واسترداد دورها في الأرض مرة أخرى مرهون إلى حد بعيد باستقراء ظروف وشروط ميلادها الأول ، و ( لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما صلح عليه أولها ) .
ليس شعارًا أجوف ، ولا راية فقط ، وإنما هذا قول له من الدليل علامات ، ويصبح كذلك ( كل خير في اتباع من سلف ) هو الحق الذي لا مرية فيه .
فالاهتداء بالكتاب والسنة بفهم سلف الأُمة في عملية البعث الإسلامي ، أو إخراج الأمة الإسلامية من جديد ضرورة حتمية لا محيص عنها ، ولا مخرج للأمة بدونها .
إن الإسلام جاء ليخرج الإنسان من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان ، إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا ، إلى سعة الدنيا والآخرة . ولذلك كانت المدرسة التربوية الأولى في دار الأرقم بن أبي الأرقم ، التي بدأت منها خطوات المسلم – الإنسان الجديد – تعمل على تخريج جميع الكوادر والتخصصات .
عن أنس ، رضي اللَّه عنه ، قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( أرأف أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في أمر اللَّه عمر ، وأصدقهم حياءً عثمان ، وأقضاهم علي بن أبي طالب ، وأقرؤهم لكتاب اللَّه أُبي بن كعب ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، ألا وإن لكل أمة أمينـًا ، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح )) . أخرجه الترمذي . وقال : حسن صحيح ، وابن ماجه ، وصححه الشيخ الألباني في (( السلسلة الصحيحة )) (1224) .
وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( نعم عبد اللَّه خالد -يعني ابن الوليد – سيف من سيوف اللَّه )) . أخرجه الإمام أحمد في (( المسند )) ، والترمذي ، وقال : حسن غريب ، وصححه الشيخ الألباني في (( السلسلة الصحيحة )) (1237) .

إن غياب المنهج الشرعي الأصيل وفقدان الضوابط العلمية ، والمقاييس الشرعية تؤدي حتمًا إلى خلل فكري !!

هؤلاء وغيرهم هم خريجو مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم .
ولكن – ومع شديد الأسف – بعد مرور أربعة عشر قرنـًا على المدرسة التربوية والمؤسسة التطبيقية الأولى في دار الأرقم ، مع ذلك نرى اليوم الكثير من الثغور التخصصية التي يقتضيها إخراج الإنسان المسلم والأمة المسلمة لتحقيق الشهادة على الناس ، والقيادة لهم لا تزال مفتوحة ، ولا نزال نؤتى من قِبلها ؛ لأنها تفتقد إلى المرابطين من أهل الدراية والفقه التربوي .
العدو الحقيقي للمسلمين !!
إن اليأس القاتل ، والخور المميت ، والثقة المفقودة ؛ كل هذه هي العدو الحقيقي والعقبة الكبرى التي تواجه المسلمين ، أمَّا العدو الخارجي فأمره يهون إذا استطعنا أن نغير ما بأنفسنا .
إذًا .. لا بد من قلة تنقذ الموقف .. قلة هي النخبة التي تستطيع حمل الأمانة ، وسد الثغور ، والمرابطة على الثلم ، وحمل الأمانة بنفسه يفجر الطاقات .
إن حمل الأمانة أو الرسالة يعطي الفرد قوة ما كان ليحلم بمثلها في الحالات العادية .
الشباب في حال حمل الرسالة يستمر في النهوض ، فإذا فترت هذه الروح كان مسيره بقوة الدفعة الأولى .
قال تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } [ الشورى : 19 ] .
إن الأمة التي يفقد أبناؤها حمل الرسالة تفقد معاني الحياة وتفقد ق

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا