واحذر هذه البدعة
عدم قبول خبر الآحاد في العقيدة
سيد بن عباس الجليمى
في المرة السابقة ذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل آحاد الرسل إلى البلدان ليعلموا الناس دينهم ، فمن ذلك ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث ابن عباس أن معاذاً قال : بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إنك تأتى قوماً من أهل الكتاب ، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله ( في رواية : فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل ) فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم ، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ” [ واللفظ لمسلم ( 19،20 ) الإيمان ] فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل – لما بعثه إلى اليمن – أن يبلغهم قبل كل شيء عقيدة التوحيد وأن يعرفهم بالله عز وجل وما يجب له وما ينزه عنه ، فإذا عرفوه بلغهم ما فرض الله عليهم ، وذلك ما فعله معاذ يقيناً ، ففيه دليل قاطع على أن العقيدة تثبت بخير الواحد وتقوم به الحجة على الناس ، ولولا ذلك لما اكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإرسال معاذ وحده وهذا بين واضح .
يضاف إلى ما سبق أن قول المخالفين – منكري حجية الآحاد – يستلزم تفاوت المسلمين فيما يجب عليهم اعتقاده مع بلوغ الخبر إليهم جميعاً ، وهذا باطل لقوله . تعالى : ” لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ” ( الأنعام : 19 ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ” نضر الله امرءاً سمع مقالتي فأداها كما سمعها ، فرب مبلغ أوعى له من سامع ” ( الترمذى وابن ماجه بسند صحيح وله شواهد كثيرة ) . وبيان ذلك : أن الصحابي الذي سمع من النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً في عقيدة ما ، فهذا الصحابي يجب عليه اعتقاد ذلك لأن الخبر بالنسبة إليه يقين ، وأما الذي تلقى عنه الحديث ( من صحابي أو تابعي ) فهذا لا يجب عليه اعتقاد ذلك وإن بلغته الحجة وصحت عنده ، لأنها إنما جاءته من طريق الآحاد !! ..
وهذا تعليل فاسد الاعتبار ولمراجعة هذا الموضوع انظر : مختصر الصواعق المرسلة ( أو الأصل ) لابن القيم ، وإحكام الأحكام لابن حزم ، وكتاب أخبار الآحاد في المجلد الأخير من صحيح البخاري ، ولشيخنا العلامة الألباني رسالة مختصرة قيمة جداً جمع فيها جلّ فوائد الكتب السابقة وزاد عليها واسمها : ” وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة والرد على شبه المخالفين ” وقد نقلت منها بعض المواضع ، وانظر رسالة الأخ سليم الهلالي ” الأدلة والشواهد على حجية خبر الواحد ” ، والله المستعان .
سيد بن عباس الجليمى


