من فضائل الصيام
للصيام عدة فضائل منها :
1- أن الصيام جنة من النار : كما روى الإمام أحمد بسند صحيح عن جابر – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( الصوم جنة يستجن بها العبد من النار ) ، وفي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا ) ، فإذا كان صوم يوم واحدٍ يباعد وجه الصائم عن النار سبعين عامًا ، فما بالك بصوم شهر رمضان كله ، أو صوم ثلاثة أيام من كل شهر نافلة ، أو غير ذلك من أنواع الصيام المشروع – والله إنه لفضل عظيم .
2- والصوم جنة من الشهوات : فقد جاء في حديث ابن مسعود المتفق عليه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وِجَاء ) فأرشد عليه الصلاة والسلام الشاب الذي لا يستطيع الزواج أن يستعين بالصوم على إطفاء أجيج الشهوة ؛ لأن الصوم يجأ الشهوة ويقطعها .
وإن كثيرًا من الشباب اليوم يشتكون من الشهوة التي يثيرها ما شاع في هذا العصر ، بخاصة من نساء يتبرجن في الأسواق ، ومجلات هابطة في المكتبات ، والمحلات التموينية ، وغير ذلك من الفتن التي تلاحق الشباب في الطائرة وفي الشارع وفي المستشفى وغيره .
والشباب مجبول على ما ركب الله تعالى فيه الشهوة الغريزية التي تتحرك عند وجود ما يثيرها ، وبخاصة إذا اجتمع مع ذلك ضعف الوازع الديني .
فإلى هؤلاء الشباب نهدي هذه النصحية النبوية : ( ومن لم يستطع فعليه بالصوم ؛ فإنه له وجاء ) .
ولقد ثبت بالتجربة جدوى هذا الطب النبوي ، الذي يمثل دواء ناجعًا لما يكابده الشباب من الشبق ، ويغني عن غيره من الأدوية المادية .
3- أن الصوم سبيل إلى الجنة : فقد روى النسائي بسند صحيح عن أبي أمامة – رضي الله عنه – أنه قال : يا رسول الله مرني بأمر ينفعني الله به ، قال : ( عليك بالصيام ؛ فإنه لا مثل له فبيَّن عليه الصلاة والسلام أنه لا شئ يقرب العبد من الله ، ويبعده من عذابه كالصيام ، بل أخبر المصطفى – صلى الله عليه وسلم – أن بالجنة بابًا خاصًّا بالصائمين .
كما في الحديث المتفق عليه عن سهل بن سعد رضي الله عنه ، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( إن في الجنة بابًا يقال له : الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، يقال : أين الصائمون ؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم ، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد ) ، ونلاحظ أن اسم هذا الباب يتناسب مع صفة الصائم الذي يصيبه العطش من أثر الصيام .
4- أن الصيام يشفع لصاحبه : فقد روى الإمام أحمد والحاكم بسند حسن عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة . يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني فيه ، قال : فيشفعان ) .
5- أن الصوم كفارة ومغفرة للذنوب : فإن الحسنات تكفر السيئات ، والصوم فيه من الحسنات الشيء الكثير ، وقد قال الله تعالى : ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ) [ هود : 114] وفي تكفير الصوم للذنوب وردت أحاديث كثيرة ، منها حديث حذيفة الذي رواه الستة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فتنة الرجل في أهله وماله وجاره ، تكفرها الصلاة والصيام والصدقة ) .
وفي الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا ؛ غفر له ما تقدم من ذنبه ) أي : إيمانًا بالله عز وجل واحتسابًا للأجر الذي أعده الله تبارك وتعالى للصائمين .
6- أن الصوم سبب في السعادة في الدارين : كما في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( للصائم فرحتان : فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ) .
أما فرحته عند فطره فهي نموذج للسعادة واللذة التي يجدها المؤمن في الدنيا ، بسبب طاعته وتقواه لمولاه عز وجل ، وهي السعادة الحقيقية .
وفرحته عند فطره تأتي من جهتين : الأولى : أن الله تعالى أباح له الأكل والشرب في تلك اللحظة ، والنفس بلا شك مجبولة على حب الأكل والشرب ، ولذلك تعبَّدنا الله – تبارك وتعالى – بالإمساك عنهما .
الثانية : سرورًا بما وفقه الله إليه من إتمام صيام ذلك اليوم وإكمال تلك العبادة وهذا أسمى وأعلى من فرحه من جهة إباحة الطعام له .
7- أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك : وخلوف فمه هي الرائحة التي تنبعث من المعدة عند خلوها من الطعام عن طريق الفم ، وهي رائحة مكروهة عند الخلق ، لكنها محبوبة عند الخالق .
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الحديث المتفق عليه : ( وا


