الخميس 6 جمادى الآخرة 1447 27-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الخميس 6 جمادى الآخرة 1447 27-11-2025

من أحكام البيع (2)

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

باب السنة
من أحكام البيع – الحلقة الثانية -‏
بقلم الرئيس العام / محمد صفوت نور الدين

أخرج البخاري في ( صحيحه ) عن حكيم بن حزام ، رضي الله عنه ، قال ‏‏: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا – أو ‏قال : حتى يتفرقا – فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما ، وإن كتما وكذبا ‏محقت بركة بيعهما ) .‏
وعن ابن عمر ، رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ‏إن المتبايعين كل واحد منهما بالخيار في بيعهما على صاحبه ما لم يتفرقا أو ‏يكون البيع خيارًا ) ‏
وفي رواية : ( إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا ‏جميعًا ، أو يخير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك ، فقد وجب البيع ، وإن ‏تفرقا بعد أن يتبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع ) .‏
وقال نافع : وكان ابن عمر إذا اشترى شيئًا يعجبه فارق صاحبه ، ‏والحديثان أخرجهما مسلم أيضًا برقم ( 1531 ، 1532) .‏
جاءت الشريعة بحماية الضرورات الخمس : الدين ، والنفس ، والعرض ، ‏والعقل ، والمال ، فشرع لذلك أمورًا ضبطها وقننها حتى يصلح حال الناس ‏ويزول الفساد ويحل الوئام ، ومن أهم هذه الأمور البيع ؛ فالبيع مشروع ‏بالقرآن والسنة والإجماع والقياس ، حيث بين الله سبحانه في كتابه الكريم ‏وبين النبي صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة أحكام البيع والمعاملات ‏لحاجة الناس إلى ذلك كحاجتهم إلى شراء الغذاء الذي به قوام الأبدان ‏والملابس والمساكن والمراكب وغيرها من ضرورات الحياة وحاجاتها ومكملاتها ‏‏، فمن أدلة مشروعيته في القرآن قوله تعالى : ( وأحل الله البيع ) [ البقرة : ‏‏275] .‏
وفي السنة أحاديث كثيرة جدًّا ؛ منها حديث الزبير بن العوام مرفوعًا : ( ‏لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله ‏بها وجهه ، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ) .‏
وأما القياس فإن حاجة الناس إلى البيع قائمة ؛ لأن الإنسان تتعلق حاجته بما في يد غيره ولا تطيب نفسى مسالكه أن يبذله له ‏بغير عوض ، ولا تطيب نفس مالكه أن يبذله له بغير عوض ؛ لذا اقتضت ‏الحكمة أن يكون البيع مشروعًا لتحقيق الأغراض المباحة للناس وتيسير ‏بلوغهم حاجاتهم .‏
والبيع : مبادلة مال بمال ؛ بقصد التملك بما يدل عليه من صيغ القول ‏والفعل .‏
والأصل في البيوع والمعاملات التجارية كلها – الحل والإطلاق – لا فرق بين ‏تجارة الإدارة التي يديرها التجار بينهم ، هذا يأخذ العوض ، وهذا يعطي ‏المعوض ؛ لقوله تعالى : ( إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم ) [ ‏البقرة : 282] ، ولا بين التجارة في الديون الحال ثمنها المؤجل مثمنها ‏كالسلم وبيع السلع بأثمان مؤجلة ، ولا بين تجارة التربص والانتظار بأن ‏يشتري السلع في أوقات رخصها وينتظر بها الرواج في المواسم ، ولا بين ‏التجارة بالتصدير والتوريد من محل إلى آخر ، وبين التجارة والتكسب أفرادًا ‏ومشتركين .‏
فكل هذه الأنواع وما يتبعها قد أباحها الشارع ، وأطلقها لعباده رحمة بهم ‏ومراعاة لمصالحهم ، ودفعًا للأضرار عنهم ، وكلها جائزة بما يقترن بها ‏ويتبعها من شروط ووثائق ونحوها ، يدخل في عموم ذلك جميع أجناس ‏المبيعات وأنواعها وأفرادها من عقارات وحيوانات وأمتعة وأطعمة وأواني ‏وأشربة وأكسية وفرش وغيرها ، إذا سلمت من المحاذير الشرعية التي حذر ‏منها الشرع ، ولابد أن يقترن ذلك بالتراضي بين المتبايعين رضًا يصدر ‏
عن معرفة ، وإذا كان أحد الطرفين سفيهًا أو مجنونًا قام عنه وليه .‏
واعلم أن المحاذير المانعة هي : الربا ، والغرر ، والظلم ، والميسر ، والغش ، ‏والتدليس ، وبخس الكيل والميزان .‏
أنواع البيوع :‏
‏1- المقايضة : وهو بيع عين بعين ، كأن يعطي تمرًا ويأخذ ثيابًا ، أو يعطي غنمًا ‏يشتري بها بيتًا دون توسيط النقود .‏
قال ابن منظور : وقايض مقايضة إذا أعطاه سلعة وأخذ عوضها سلعة وباعه فرسًا ‏بفرسين ، والقيض : العوض .‏
‏2- المراطلة : بيع النقد بمثله – فضة بفضة ، أو ذهبًا بذهب – وتجب فيها ‏المساواة وزنًا ، وأن تكون يدًا بيد ، لا تأجيل فيها ؛ لحديث أبي بكرة ، ‏رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تبيعوا الذهب ‏بالذهب ، إلا سواء بسواء ، والفضة بالفضة ، إلا سواء بسواء ، وبيعوا ‏الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم ) . أخرجه البخاري ومسلم .‏
قال في ( بداية المجتهد ) : إجماع العلماء على أنه إذا قال : أبيعك هذه بدراهم ‏مثلها وأنظرك بها حولاً أو شهرًا أنه لا يجوز ، ولو قال له : أسلفني دراهم ‏وأمهلني فيها حولاً أو شهرًا لجاز ذلك ، وليس بينهما إلا اختلاف اللفظ .‏
‏3- الصرف : بيع النقد بنقد آخر – ذهب بفضة – ومثلها سائر العملات المختلفة ‏اليوم ، ويجب أن تكون يدًا بيد ، فلا يجوز فيها التأجيل ؛ لحديث عمر بن ‏الخطاب ، رضي الله عنه ، المتفق عليه : ( الذهب بالورق

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا