المنهج الإسلامى لمعالجة المشكلات الضريبية
بقلم : الأستاذ الدكتور حسين شحاتة
أستاذ المحاسبة بجامعة الأزهر
ومدير جمعية الاقتصاد الإسلامى
يتناول هذا البحث ( الذى قدمه الأستاذ الدكتور حسين شحاتة إلى المؤتمر الضريبي الرابع الذى أقيم بدار الدفاع الجوى بالقاهرة يومي 17،18 فبراير 1990 ) بيان المنهج الإسلامى لمعالجة بعض عيوب التشريع الضريبي المصري وبعض مشكلات التطبيق المعاصرة ، مع عرض منهج وأساليب الانتقال من نظام الضرائب الوضعى المعاصر إلى زكاة المال والنظم المالية الإسلامية .
ولقد خطط هذا البحث على النحو التالى : بعد مناقشة التساؤل الذى يثار حول : هل تغنى زكاة المال عن الضرائب ؟ وهل يجوز فرض ضرائب مع زكاة المال ؟ ومتى ؟ وهل تغنى الضرائب عن الزكاة ؟ وهل يجوز خصم الضرائب المدفوعة من مقدار زكاة المال المستحقة ؟ انتقل إلى دراسة وتحليل أبرز العيوب والثغرات الكامنة فى التشريع الضريبي المصري وطبيعة مشكلات التطبيق ، يلي ذلك عرض المنهج الإسلامى لمعالجة تلك الثغرات والمشكلات ويختص الجزء الأخير من هذا البحث ببيان منهج وخطة وإجراءات الانتقال من نظام الضرائب الوضعية المعاصرة إلى نظام زكاة المال الذى هو من عند الله .
الحلقة الثانية
ثالثا : المنهج الإسلامى لمعالجة عيوب التشريع
الضريبي المصري
لقد تبين من دراسة التشريع الضريبي المصري أنه يتضمن مجموعة من العيوب والثغرات من أبرزها :
(1) عدم التوازن بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة (1)
(2) ثقل العبء الضريبي على الفقراء .
(3) عدم تمشى الإعفاء المقرر للأعباء العائلية مع تكلفة الحاجات الأصلية .
(4) الازدواج الضريبي العالمي والإقليمي .
(5) الغموض والإبهام والتعارض فى بعض نصوص التشريع الضريبي .
وسوف نقوم بدراسة طبيعة هذه العيوب وبيان المنهج الإسلامى لمعالجتها :
أولا : المنهج الإسلامى لمعالجة عدم التوازن بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة
لقد أكد علماء المالية العامة والضرائب أن نسبة الضرائب غير المباشرة إلى الضرائب المباشرة حوالي 75% إلى 25% ، وفى هذا ظلم يقع على الطبقة الفقيرة . ويتمثل المنهج الإسلامى لمعالجة هذه المشكلة إذا ما طبق نظام زكاة المال فى الآتى :-
(1) إلغاء الضرائب غير المباشرة لأنها من المكوس غير الجائزة فى الإسلام لأنها تؤدى إلى غلاء الأسعار لإمكانية نقل عبئها إلى المستهلك . والأدلة الشرعية على ذلك كثيرة منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما انتهى من بناء السوق الإسلامية فى المدينة : ” هذه سوقكم فلا تتجروا فيها ولا يفرض عليها الخراج ” أى لا يفرض على المعاملات رسوم أو ضرائب .
(2) تفرض رسوم على الخدمات التى تقدمها الحكومة إلى الأفراد بالعدل ويتحملها المسلم وغير المسلم وبذلك يتحقق مبدأ السببية من استفاد بخدمة يتحمل كلفتها أو رسمها .
(3) تفرض رسوم على الواردات الأجنبية للتجار غير المسلمين تطبيقا لقاعدة المعاملة بالمثل ويجوز إعفاء بعض هذه الواردات إذا كانت من الضروريات والحاجيات والتى تتعلق بمقاصد الشريعة الإسلامية وهى حفظ النفس وحفظ العقل وحفظ العرض وحفظ المال .
(4) تغيير نظام الضرائب على الدخل إلى نظام زكاة المال حتى لا يفلت أى مال من الزكاة ما دام قد استوفى الشروط الشرعية للخضوع ، ومن أمثلة الأموال التى لا تخضع للضريبة ويجب إخضاعها للزكاة .. الأموال النقدية المكتنزة ، والجواهر المقتناة لأغراض الزينة ونحوها .
(5) تفرض على غير المسلمين ضرائب على الأموال على منوال زكاة المال ولكن لا تسمى زكاة وليس القصد منها العبادة .
يتضح من التحليل السابق أنه لو طبق نظام زكاة المال لا تظهر مشكلة الخلل فى الهيكل الضريبي بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة .
ثانيا : المنهج الإسلامى لمعالجة القراء يكاد يجمع علماء المالية العامة والضرائب على ثقل العبء الضريبي على الطبقة الفقيرة فى مصر وعدم قدرة هذه الطبقة على تحمل الضرائب بصفة عامة والضرائب غير المباشرة بصفة خاصة .
ويرى فريق من علماء المالية والضرائب أنه يجب التركيز على الضرائب المباشرة التى ينخفض فيها العبء الضريبي وهذا يحقق حصيلة أوفر وعدالة أكثر دون تعريض مستوى الأسعار لكثير من التقلبات ، وهذا الرأى يتمشى نسبيا مع المنهج الإسلامى ، والذي يتمثل فى الآتي :
(1) إلغاء الضرائب غيرالمباشرة وفى هذا تخفيض العبء عن الطبقة الفقيرة وتحقيق العدالة.
(2) فرض زكاة المال على كل الأموال والإيرادات متى توافرت الشروط وهذا يحقق حصيلة أكثر من حصيلة الضرائب المباشرة وغير المباشرة .
(3) لا تفرض زكاة على الفقير الذى دون النصاب وهذا لا يسبب له إرهاقا وأساس ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ليس فى المال القليل صدقة ” وقوله ” لا صدقة إلا عن ظهر غنى ” .
(4) إذا كانت حصيلة زكاة المال لا تكفى لمصارفها ففى هذه الحالة وطبق لشروط فق


