الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

ما أشبه اليوم بالبارحة

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

ما أشبه اليوم بالبارحة
المحدث عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله
عرض وتقديم :
مدير التحرير/ محمود غريب الشربيني

الحمد للَّه ، والصلاة والسلام على رسول اللَّه ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه ، وبعد :
فما أشبه اليوم بالبارحة .. أبتليت الأمة الإسلامية على مدى العصور والدهور ، وفي شتى بقاع المعمورة بأناس لا صلة لهم بالعلم الشرعي من علم بكتاب اللَّه وسنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبفهم سلفنا الصالح ، وإجماع الأمة المحمدية ، وربما انتسب هؤلاء إلى العلم شكليـًّا ، يقدمون عقولهم القاصرة وآراءهم الحائرة ، على نصوص القرآن والسنة ، فيفتون الناس بغير علم فيضلون الناس ، ولقد أخبر عنهم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه ؛ عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص ، رضي اللَّه عنه ، أن رسول اللَّــه

صلى الله عليه وسلم قال : (( إن اللَّه لا يقبض العلم انتزاعـًا ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يترك عالمـًا اتخذ الناس رءوسـًا جهالاً ، فسئلوا فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا )) .
وهل يتصور أحدنا أن هناك ضلال أكبر من إنكار الأحاديث الصحيحة ، والتي ربما وصلت إلى أعلى درجات الصحة من المتفق عليه والتي رواها البخاري ومسلم !! وإني لأعجب من إنسان لا يتهم عقله بالقصور لعدم الفهم أو العلم ، ثم يتهم السلف الصالح بهذا الاتهام !!
وفي سلسلة الطاعنين في السنة خرج علينا هذه الأيام من يقول : (( أما السنة القولية التي جمعها رواة الأحاديث عن الرسول الكريم ، فقد جمعها ودونها بشر مثلنا غير معصومين نقلوها عن بشر آخرين غير معصومين في سلسلة من العنعنات عبر عشرات السنين ( لم تدون الأحاديث إلا من بعد زمن الخلفاء الراشدين على أيام سلاطين القصور ) )) .
ولك أن تتصور أخي المسلم أن هذا هو كلام كل حلقة من هذه السلسلة التي جعلت مطية ظهورها وشهرتها هو الطعن في أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم . ثم يقول : ( وقد أجمع رواة الأحاديث على أن النبي ، عليه الصلاة والسلام ، قد نهى عن تدوين الأحاديث ، وجاء هذا النهي في أكثر من حديث لأبي هريرة ، وعبد اللَّه بن عمر ، وزيد بن ثابت ، وأبي سعيد الخدري ، وعبد اللَّه بن مسعود ، وغيرهم ) .
ثم بدأ في سرد أحاديث عن هؤلاء الصحابة ، رضوان اللَّه عليهم ، تشهد لما قال .
وأنا أسأل هذا الكاتب عن هذه الأحاديث التي استشهد بها – ليصل إلى ما يريد -: هل هي أحاديث من كتب أخرى غير كتب الحديث المعروفة بين الناس ؟! فهي من كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، إن ثبت صحتها عنه ، وهي أيضـًا جمعها ودونها بشر مثلنا – كما تدعي – غير معصومين نقلوها عن بشر آخرين غير معصومين في سلسلة من العنعنات عبر عشرات السنين . فلِمَ تستشهد بها فضيلتكم ، وتجرم من يستشهد بمثلها ، بل من يستشهد بما هو أوثق منها في (( صحيحي )) البخاري ومسلم !!
ومنذ عدة سنين ألف المدعو / محمود أبو رية كتابـًا أسماه (( أضواء على السنة المحمدية )) ، ذكر فيه : ( وقد جاءت أحاديث صحيحة وآثار ثابتة تنهى كلها عن كتابة أحاديثه صلى الله عليه وسلم ) . ورد عليه المحدث عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني في كتابه (( الأنوار الكاشفة )) ، فقال : أما الأحاديث ؛ فإنما هي حديث مختلف في صحته ، وآخر متفق على ضعفه .
فالأول حديث مسلم وغيره عن أبي سعيد الخدري مرفوعـًا : (( لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ، وحدِّثوا عني ولا حرج ، ومن كذب عليَّ – قال همام : أحسبه قال : (( متعمدًا )) – فليتبوأ مقعده من النار )) . هذا لفظ مسلم ، وذكره أبو رية مختصرًا ، وذكر لفظين آخرين ، وهو حديث واحد .
والثاني ذكره بقوله : ودخل زيد بن ثابت على معاوية ، فسأله عن حديث ، وأمر إنسانـًا أن يكتبه ، فقال له زيد : إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمرنا أن لا نكتب شيئـًا من حديثه . فمحاه . وقد كان ينبغي لأبي رية أن يجري على الطريقة التي يطريها ؛ وهي النقد التحليلي ، فيقول : معقول أن لا يأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بكتابة أحاديثه لقلة الكتبة وقلة ما يكتب فيه والمشقة ، فأما أن ينهى عن كتابتها ويأمر بمحوها فغير معقول ، كيف ، وقد أذن لهم في التحديث فقال : (( وحدثوا عني ولا حرج )) .
أقول – المعلمي اليماني -: أما حديث أبي سعيد ففي (( فتح الباري )) (1/185) : ( منهم – يعني الأئمة – من أعلَّ حديث أبي سعيد وقال : الصواب وقفه على أبي سعيد ) . قاله البخاري وغيره ، ( أي الصواب أنه من قول أبي سعيد نفسه ، وغلط بعض الرواة فجعله عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد أورد ابن عبد البر في كتاب (( العلم )) (1/64) قريبـًا من معناه موقوفـًا على أبي سعيد من طرق لم يذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما حديث زيد بن ثابت ، فهو من طريق كثير بن زيد عن المطلب ب

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا