الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

لا يكون الشرك إلا مع الإيمان

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

من روائع الماضي
لا يكون الشرك إلا مع الإيمان !!
بقلم فضيلة الأستاذ / الشيخ أبي الوفاء محمد درويش المحامي رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بسوهاج

قد يكون هذا العنوان غريبًا أو غير مستساغ ، وقد يقع عند بعض القراء موقع العجب ، وقد تملكهم الدهشة أو الاستنكار إذا هم اطلعوا عليه ، ولكنه مع ذلك كله صحيح لا خطأ فيه ، وحق لا يطير الباطل بجنباته ، وواقع لا يمت إلى الوهم بأوهى صلة .
· لا يكون الشرك إلا مع الإيمان !
أى وربي إنه لحق ، فمن أنكر وجود الله رأسًا لا يسمى مشركًا ؛ لأنه لا يعترف بإله يشرك معه غيره في العبادة .
أما من اعتقد بوجود الله ، واعتقد أن معه آلهة أخرى ، تشاركه في ملكه ، أو تعينه على أمره ، أو تشفع عنده بغير إذنه ، فذلك هو المشرك ، لأنه آمن بالله وجعل غيره شريكًا له في بعض صفات الألوهية .
وكان المشركون من الأمة العربية في الجاهلية يؤمنون بالله تعالى ، ويخصونه باسم ( الله ) ، ويسندون إليه الخلق ، والرزق ، والإحياء ، والإماتة ، وتدبير الأمر ؛ لأنهم كانوا على بقايّا من ملة إبراهيم ، وإنما جاء شركهم من قبل أنهم كانوا يعبدون معه آلهة أخرى ابتدعوها .
ولم يكونوا يسمون أحدًا منها باسمه تعالى ( الله ) ، وإنما يطلقون على كل منهما كلمة ( إله ) ، ولذلك جعل الله شعار الإسلام : ( لا إله إلا الله ) ، أي : إن الله الذي تؤمنون به ، وتقرون بوجوده ، وتسندون إليه الخلق والأمر ، هو وحده الإله ، وليس هناك إله آخر خليق بهذا الاسم .
حين دعاهم القرآن إلى توحيد الله أقام الحجة عليهم من عقيدتهم هذه .
قال تعالى : ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ(31)فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُون ) [ يونس : 31 ، 32] .
فهاهم أولاء يقرون بوجود الله تعالى ، ويسندون إليه الخلق والأمر ، ولذلك اتخذ القرآن هذه العقيدة حجة عليهم تقنعهم بأن الله الذي يملك كل شيء هو ربهم الحق .
أما ما سواه فباطل وعبادته ضلال .
وكذلك قال تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُون ) [ العنكبوت : 61] .
فأنت ترى أنهم يعتقدون اعتقادًا جازمًا لا يسمو إليه الشك أن الله هو الذي خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ، ولا ينسبون إلى غيره تعالى شيئًا من صفات الربوبية التي يسندونها إلى رب العزة جل شأنه .
سُئل أعرابي : كم إلهًا تعبد ؟ فقال : سبعة : واحدًا في السماء ، وستة في الأرض ! فقيل له : فمن الذي يخلق ويرزق ويحيى ويميت ؟ فقال : الله إله السماء . قيل : فما بال آلهة الأرض ؟ قال : تلك تشفع لي عنده ، وتقربني إليه زلفى !
وليس من شك في أن آلهة الأرض هذه التي كانوا يعبدونها من دون الله هي التي شرعت البدع لهم عبادتها فاستجابوا لها .
جاء الإسلام بآياته البينات ، وحججه القاطعات ، فقضى على كل هذه الأباطيل والترهات ، قال تعالى : ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ) [ الإسراء : 56] ، وقال تعالى : ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ(22)وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ) [ سبأ : 22، 23] .
ويقيني أن القارئ الكريم قد استيقن صحة العنوان وعرف أن الشرك لا يكون إلا مع الإيمان ، وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون .
استجاب العرب لدعوة القرآن الكريم فخلعوا الأنداد ، ونبذوا آلهتهم الزائفة التي كانوا يدعونها من دون الله ، وحطموها تحطيمًا ، وداسوها بنعالهم ، وأصبحوا يرفعون علم التوحيد الخالص ، ويدعون إليه دعوة صريحة جريئة ولم تكد القرون الخيرة تنسلخ حتى نجمت نواجم الفتن واندس المنافقون من اليهود في صفوف المسلمين يحاولون أن يفسدوا عليهم عقائدهم ، وزينوا في قلوب المتصوفة أن يبرزوا قبور شيوخهم ، وأن يرتادوها للذكر والعبادة ، فسارع الغافلون إلى الاستجابة لهم ، وبذلك نشأت عبادة القبور ، وعادت الجاهلية سيرتها الأولى مع اختلاف الأسماء ، إذ سموا معبوداتهم أولياء ولم يسموها آلهة وإن كانوا يدعونها ، ويستشفعون بها ، وينذرون لها كما كان يفعل الجاهليون .
وسرت سموم هذه العدوى من المتصوفة إلى غيرهم ولم يسلم منها إلا من عصمه الله ، وقليل ما هم .
غير أن الإيمان الذي يلابسه الشرك

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا