بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة التحرير
أحكام حسب المزاج
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله – وبعد :
فقد أصبح مؤكدا أن نظرتنا إلى كثير من الأمور غير موضوعية وأن حكمنا قد يتغير فى القضية الواحدة تبعا للأهواء والميول وأوضح ذلك بمثال فأقول : لو أن أحد الدعاة من غير خريجي الأزهر تكلم فى دين الله بكلام صحيح أو أمر بمعروف أو نهى عن المنكر ، وكانت دعوته لا تروق لبعضهم ، لقامت الدنيا ولم تقعد بحجة أنه ليس من علماء الدين ، ولا مانع أن يوصف بعد ذلك بأنه من المتطفلين على دين الله أو من المتاجرين به أو من الذين يستغلون الدين مطية لتحقيق رغباتهم أو نشر آرائهم والترويج لها ….. الخ .
بينما لو تكلم كاتب صحفي من المشاهير بكلام خطأ فى دين الله يدل على جهله بهذا الدين لما تحرك أحد أو حاول تصحيح هذا الخطأ . ورغم أننا نقول إن العلم بالدين واجب على الجميع فليس فى الإسلام كهنوت يقصر هذا العلم على فئة من الناس دون غيرها … إلا أننا فى نفس الوقت ننادى بألا يتكلم أحد فى دين الله إلا عن علم …. أما أن يستغل كاتب فى جريدة مساحته التى خصصت له ليكتب فيها برأيه ما يتعارض مع دين الله ويعرضه على قرائه على أنه دين ، ويحل ويحرم برأيه كما يشاء ، فلا شك أنه حينئذ من الذين قال الله تعالى فيهم (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) 116 – 117 سورة النحل .
وأقول : على أثر القبض على بعض الممثلين والمطربين وتقديمهم إلى القضاء بتهمة تعاطى المخدرات وترويجها قام كثير من الكتاب بكتابة المقالات حول هذه القضية : بعضهم يؤكد وينشر الإحساس بأن التمثيل والغناء والمخدرات عالم واحد لا يمكن أن يفصل أحدهما عن الآخر ……… بينما حاول فريق آخر من الكتاب أن يفصل بين ما يسمونه الفن وأهله وبين المخدرات إلى أن قرأت كلاما غريبا لأحدهم ( أحمد بهاء الدين ) فى عموده اليومي بجريدة الأهرام ( يوميات ) يقول فيه ما نصه :
( إننا فى مرحلة يوجد فيها من يهاجمون الفن من أساسه من ينادون بأن التمثيل حرام والرسم حرام والنحت حرام .
وهو ضلال لا أساس له ، وتفسيرات لتاريخ قديم لم يعد أى ظرف من ظروفه قائم ، ودون أى نص يعتمد عليه ولو من بعيد .وما زال تمثال رمسيس قائما فى ميدان باب الحديد حيث يتدفق آلاف التلاميذ والبسطاء كل يوم ولم يخطر على بال فلاحة عجوز أنه صنم ولا سجدت له ، ولا اشتبه عليها الأمر ) .
وهذا الذى قاله أحمد بهاء الدين يحتاج إلى وقفات طويلة لمناقشته قد لا يتسع لها المجال ….. لكنى أعجب لجرأته حين ينكر النصوص فى عباراته التى جاءت فى كلامه (دون أى نص يعتمد عليه ولو من بعيد ) فهل هو اطلع جيدا فى القران والسنة ..؟ هل قرأ فى القران قول الله تعالى (وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الحشر:7) .
وإذا كان قد قرأ هذه الآية فهل سأل : ماذا ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نصوص حول الرسم والنحت مثلا … ؟
أسوق إليه بعض هذه النصوص من صحيحى البخارى ومسلم اللذين اتفقت الأمة الإسلامية على أنهما أصح كتابين بعد كتاب الله عز وجل :
الحديث الأول : عن أبى طلحة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة ) .
الحديث الثانى : عن عائشة رضى الله عنها قالت قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت على بابى درنوكا ( ستاراً ) فيه الخيل ذوات الأجنحة فأمرنى فنزعته .
الحديث الثالث :عن عائشة رضى الله عنها قالت : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متسترة بقرام ( ستر رقيق ) فيه صورة فتلون وجهه ثم تناول الستر فهتكه ثم قال : ( إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله ) .
الحديث الرابع : عن عائشة رضى الله عنها قالت : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سترت سهوة لى ( السهوة شبيهة بالرف ) بقرام فيه تماثيل . فلما رآه هتكه وتلون وجهه وقال ( يا عائشة : أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله ) .
الحديث الخامس : عن عائشة رضى الله عنها أنها اشترت نمرقة ( وسادة صغيرة ) فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل فعرفت عائشة فى وجهه الكراهية فقالت : يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله فماذا أذنبت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما بال هذه النمرقة ؟ ) فقالت :اشتريتها لك تقعد عليها وتوسدها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن أصحاب هذه الصورة يعذبون ويقال لهم أحيوا ما خلقتم ) ثم قال ( إن البيت


