فيروس الشيعة وزواج المتعة ؟
كتبه
د / زكريا أحمد محمد نور
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
طالعتنا الصحافة المصرية بتزعم سيدة لعصابة تقوم باستقطاب فتيات الجامعات وتزوجهن للرجال بعقود عرفية محدودة المدة مقابل مبالغ مالية مغرية ، والغريب في الخبر أن العقود العرفية مختومة وتحت إشراف بعض أساتذة المحاماة وبعض رجال القانون موقعة من الشهود الذين ضل سعيهم وشهدوا بما لم يشاهدوه فهي عقود سابقة التجهيز وخاصة بهذا النوع من الزواج المحرم ، ومن أشد العجب أن العقد كامل وجاهز لا ينقصه إلا كتابة اسم كل من الزوج والزوجة وكل بنوده كاملة .
ونكاح المتعة والنكاح المؤقت تحرمهما سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، إلا أن الشيعة مازالت تعمل بهما إلى يومنا هذا وتزعم أنه لم ينسخ ، وانتشر فيروس الشيعة في كل مكان ليجعل من الحرام حلالاً ، ومن الرذيلة متعة .
ونكاح المتعة اسم مصدر من التمتع ، وتطلق في الشريعة على متعة الطلاق وهي : إعطاء المرأة عند طلاقها ما تنتفع به من مال ونحوه ، قال تعالى : ( وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ) [ البقرة : 236] ، وتطلق أيضًا على متعة الإحرام بالعمرة في أشهر الحج مع أداء فريضة الحج في نفس العام ، قال تعالى : ( فمنْ تمتعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجّ ) [ البقرة : 196] .
واستعمل القرآن الاستمتاع في الانتفاع بملامسة الزوجة ، وورد في الشريعة أمر النكاح الدائم ، فقال تعالى : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنّ ) [ النساء : 24] ، وتسمية الصداق بالأجر ، لأن الصداق يعطيه الرجل للمرأة ليتمكن من الانتفاع بملامستها ، وورد في الشريعة متعة النكاح ، وهي النكاح إلى أجل معين ، وهي موضوع البحث والحديث في هذا المقال ويتلخص هذا المقال بتتبع الأحاديث الصحيحة التي رواها الإمام مالك في ( الموطأ ) ، وما رواه البخاري ومسلم في ( صحيحيهما ) ، والتي تفيد بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم نكاح المتعة يوم خيبر وأباحه وحرمه يوم الفتح بمكة ، وقال : ( هو حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة ) ، وهذا دليل صريح على تأييد التحريم ، وأما من صرح بأنه كان يستمتع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر – رضي الله عنه – حتى نهى عنه عمر – رضي الله عنه – محمول على أنه لم يبلغه حديث النهي حتى نهى عنها عمر ، فعمر بن الخطاب من الصحابة الذين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقتدي بهم ، إنما أظهر تحريم المتعة الذي روي في الحديث ، وقد وقع إجماع الصحابة على ذلك .
والتحقيق : أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رخص في متعة النساء للضرورة في ذلك الوقت لتعطل السير في سبيل الدعوة ، والنسخ واقع في بعض أحكام الشريعة حيث زالت العلة الباعثة على الحكم المسمى ، وليس هذا موضع الأدلة على جواز النسخ ووقوعه ، وإنما ننكر القول بالنسخ لمجرد شبهة التنافي بين الدليلين .
وروى المحدثون عن ابن عباس – رضي الله عنهما – إباحتها ، ثم الرجوع إلى تحريمها ، ومن العلماء من يرى أن النكاح المؤقت ، أي العقد العرفي الذي ورد بصورته في قضايا الآداب التي وقعت بالأمس القريب وأخبرتنا بها الصحافة المصرية هو ( زواج لمدة خمسة أيام ) أو ( زواج لسبعة أيام ) ، كما قال ابن شاش في كتاب ( الجواهر ) : ( ولا يجوز تأقيت النكاح وهو المتعة ) .
ومنهم من يرى الفرق بينهما ، فنكاح المتعة باطل ، وهو ما لا يراعي فيه من شروط النكاح إلا الاستيراء – أي : لا يراعي فيه الشهود – والنكاح المؤقت يكون بشهود ، ولكنه محدود بوقت .
وروي عن الإمام زفر من المذهب الحنفي أنه قال : ( إن النكاح المؤقت صحيح ، وشرط التوقيت باطل ) ، وذلك معنى قولهم : إن نكاح المتعة باطل باتفاق ، والنكاح المؤقت باطل عن الأكثر ، وقول زفر بصحة النكاح لا يوافق رضا أحد الزوجين ، لأن كلاً منهما دخل على التأجيل ، ونسب أحد الفقهاء الحنفية إلى الإمام مالك أنه أجاز نكاح المتعة ، ورد هذه النسبة تقي الدين بن دقيق العيد ، وقال : إن هذه النسبة خطأ ، فقد بالغ المالكية في منع النكاح المؤقت حتى أبطلوا توقيت الحل بسببها ، فقالوا : لو علق على مؤقت لابد من مجيئه وقع الطلاق الآن ، لأنه مؤقت للحل ، فيكون في معنى نكاح المتعة ، ويؤيد ما قاله ابن دقيق العيد من أن المالكية لا يقولون بإباحة المتعة ، قولهم من تزوج امرأة على أن يأتيها ليلاً أو يأتيها نهارًا يفسخ العقد ، لأنه يشبه نكاح المتعة .
وقد رورى مالك الحديث الوارد في تحريم المتعة ، وقال أبو الوليد الباجي في المنتقى ) : ( وسُئل الإمام مالك عمن تزوج امرأة وهو يضمر في نفسه أن يسر بها ويستمتع بها مدة ، ثم يفارقها ؟ فقال مالك : وذلك جائز وليس من الخلق الجميل ولا أخلاق الناس الفاضلة ) ، وعلل بعض أصحابه على ما أفتى به الإمام مالك من جواز النكاح ، مع أنه ليس من ال


