الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

فوائد الودائع وشهادات الاستثمار أ ، ب

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

باب الاقتصاد
فوائد الودائع وشهادات الاستثمار أ . ب .
أ . د / علي السالوس
أستاذ الاقتصادالإسلامي

ودائع البنوك إذن عقد قرض لا محالة ، سواء أريد بها مجرد الإيداع كالحساب الجاري ، أم الاستثمار مع الإيداع وهي الودائع ذات الفائدة .
وأعمال البنوك الربوية إنما تقوم أساسًا على القرض الربوي ، وإن غيرت اسم الربا إلى فائدة . ومعظم كسب البنوك من هذه الفوائد ، حيث تأخذ قروضًا بسعر أقل مما تقرض .
وتلك حقيقة يعلمها كل من يلم بأعمال البنوك ، وكل من يتأمل خطابات البنك التي تحمل كلمتي (دائن ، مدين) .
عرف أحد أساتذة الاقتصاد البنك بقوله : (يمكن تعريف البنك بأنه المنشأة التي تقبل الودائع من الأفراد والهيئات تحت الطلب أو لأجل ، ثم تستخدم هذه الودائع في منح القروض والسلف ) .
وتحدث أستاذ آخر عن أعمال البنوك فقال يمكن تلخيص أعمال البنوك التجارية في عبارة واحد هي :
التعامل في الائتمان أو الاتجار في الديون : إذ ينحصر النشاط الجوهري للبنوك في الاستعداد لمبادلة تعهداتها بالدفع لدى الطلب بديون الآخرين ، سواء أكانوا أفرادًا أم مشروعات أم حكومات . ويقبل الأفراد هذه التعهدات المصرفية . وهي التي تعرف باسم الودائع الجارية – في الوفاء بما تزودهم به البنوك من اعتمادات وسلف نظرًا لما يتمتع به التعهد المصرفي بالدفع لدى الطلب من قبول عام في تسوية الديون .
وهكذا تتوسل البنوك التجارية إلى مزاولة نشاطها الذي تبرز به وجودها ، وتستمد من القيام به أرباحها ، بالاضطلاع تارة بمركز الدائن ، وتارة بمركز المدين ) ا . هـ .
(التعريف الأول للدكتور إسماعيل محمد هاشم . انظر كتابه مذكرات في النقود والبنوك ص43.
والأستاذ الآخر هو الدكتور محمد زكي شافعي – راجع كتابه : مقدمة في النقود والبنوك ص197) .
البنك إذن تاجر ديون ، والفوائد التي يدفعها ترجع إلى مقدار الدين ، والزمن الذي يمكثه هذا الدين ، وهذا هو ربا الديون الذي حرمه القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة .
والحساب الجاري قرض أيضًا كما بينا من قبل ، مادام بغير فائدة فليس فيه ربا . ولكن إذا أقرضت أحدًا وأنت تعلم أنه يستخدم القروض في الفساد في الأرض ، أو محاربة الله ورسوله ، ومخالفة أمر الله ، أيحل لك أن تقرضه وإن كان القرض بغير ربا ؟ .
إن القوانين الوضعية راعت مثل هذا الأمر فيما يخصها ، ويتفق مع أهدافها ، ولذلك اشترطت في القرض أن يكون (غير مخالف للنظام العام ولا للآداب ) .
انظر الوسيط للدكتور السنهوري 5/ 439) .
أفيمكن ألا تراعى هذا شريعة الله عز وجل ؟
فالحساب الجاري بغير فائدة قرض حسن ، فاختر من يستحق هذا القرض ، حتى لا تكون معاونًا على الإثم ، مشجعًا للمرابين . ولا ننسى أن الضرورات تبيح المحظورات ، فإذا اضطررنا للإيداع خوفًا على ضياع المال مثلًا ولم نجد أمامنا إلا البنوك الربوية قلنا عذرنا عند ذلك .
أما أن يشاع بأن الحساب الجاري لا شبهة فيه ولا غبار عليه ، فأمر قد يكون غير دقيق .
وبعد ودائع البنوك نأتي إلى شهادات الاستثمار التي يصدرها أحد هذه البنوك الربوية ، وقد بينا أن هذه الشهادات أيضًا تدخل في عقد القرض .
فالمجموعة (أ) تشمل الشهادات ذات القيمة المتزايدة ، حيث يبقى القرض عشر سنوات لدى البنك ، ثم يسترد صاحبه مع الزيادة المحددة التي أعلن عنها البنك ، أي أنه يسترد القرض مع ربا عشر سنوات كاملة .
ولما كان هذا يستخدم في الاستثمار ، فهو إذن قرض إنتاجي ربوي ، وقد عرفنا الفرق بينه وبين شركة المضاربة التي شرعها الإسلام للاستثمار إلى جانب طرق الاستثمار الأخرى المشروعة ، وعرفنا بطلان القول بحل هذه الفوائد ، ففيما سبق بيان لكل هذا ، ورد للشبهات التي أثيرت ، والاعتراضات التي قيلت .
أما المجموعة (ب) فتشمل الشهادات ذات العائد الجاري ، حيث يمكن سحب الأرباح أولاً بأول .
ومعنى هذا أن رأس المال – أي القرض – يبقى كما هو ، وتؤخذ الزيادة المحددة كل فترة زمنية معينة ، وهذا شبيه بنوع من الربا كان فاشيًا في الجاهلية ، ومعروفًا من قبل عند الإغريق والرومان ، وهو تقسيم الربا وجعله أقساطًا شهرية ، وقد أشرت إليه من قبل .
وما دمنا قد أثبتنا أن شهادات الاستثمار تعتبر عقد قرض ، فالزيادة المعروفة المحددة لابد أن تكون من ربا الديون . وهذه المجموعة كأختها تعد من القروض الإنتاجية الربوية .
وهنا قول يردده بعض الناس ، وهو أن البنوك بعد التأميم أصبحت ملكًا للدولة ، ولا ربا بين الدولة وأبنائها ، قياسًا على أنه لا ربا بين الوالد وولده . ومعنى هذا أنك إذا تعاملت بالربا مع أحد بنوك القطاع الخاص ، أو مع بنك لا تملكه دولتك ، فهذا حرام ، أما إذا كان البنك مؤممًا ، فهذا حلال ‍‍‍‍!!
ونلاحظ هنا ما يأتي :
1- القياس لا يكون إلا على أصل متفق عليه ، والمقيس عليه هنا من هذا النوع ، فلا يصح القياس هنا .
2- علاقة الدولة بالمواطنين ليست كعلاقة الأ

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا