الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

فهل إلى خروج من سبيل

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

فهل إلـى خروج من سبيل ؟!
فضيلة الشيخ : محمد عيسى رضوان
مدير عام سابق بالأوقاف

إن تعاليم القرآن الكريم والتوجيهات النبوية السامية التي ساد المسلمون العالم بها قرونـًا طويلة عدلاً وسمحـًا ، وبها أيضـًا عزوا في أرجاء الأرض : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [ المنافقون : 8 ] .
الناظر إليها اليوم يُصاب بحسرة بعدها عفوة وذهول ، فإنه لم يبق منها شيء إلا بصيصـًا خافتـًا ، وملامح ذات إشارات فقط ، ظهرت سموم كلها وباء وبيل مهلك ومدمر للبشرية كلها ، بل للحياة أيضـًا من فئة شردت عن منهج اللَّه تعالى ، فكفرت بكتبه ، وهجمت على سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم وسنن الأنبياء السابقين ، بل وسنة الحياة التي استعمرنا اللَّه فيها ، فهم يأتون بوسائل الدمار الشامل ، حتى : { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ } [ الروم : 41 ] .
مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذرنا من هذا كل التحذير ، مما نخاف ونحذر ، وما قد فشا واستفحل ، قال صلى الله عليه وسلم : (( لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض )) .
ومع الأسف الشديد ، فقد وقعنا نحن المسلمين – فيما حذرنا منه نبينا صلى الله عليه وسلم – فصرنا تحت ركام الجهل بالبعد عن تعاليم الإسلام ، ذلك الدين القيم ، فإذا بنا نتقاتل ، ويضرب بعضنا أعناق بعض ، ويخرب بعضنا بيوت بعض ، بينما الإسلام يأمرنا بأن نقف في وجه الأعداء بكل حزم وشدة : { وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } [ الأنفال : 60 ] .
وقول أبي بكر الصديق ، رضي اللَّه عنه : اطلب الموت توهب لك الحياة . الكلمة واحدة ، الشمل جميع ، والغاية نصر اللَّه تعالى في دينه : { إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [ محمد : 7 ] .
فإذا بنا نبتعد ، حتى أصبحنا ماضيـًا بعيدًا وتاريخـًا سحيقـًا لا يرتبط بحاضر ، ولا يأمل في مستقبل ، فأصبحنا مشتتين رأيـًا واتجاهـًا ، كأن لم نكن أبدًا أُمة واحدة : { وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } [ المؤمنون : 52 ] ، ولا أبناء عقيدة واحدة : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ } [ آل عمران : 19 ] ، ولا قبلة واحدة : { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } [ البقرة : 144 ] ، ونبالغ في القدح والسباب ، ويعاون البعض منا على الإثم والعدوان ، بدلاً من التعاون على البر والتقوى
والبناء والإعمار !!
فهذه تركيا التي كانت تقود العالم باسم الخلافة الإسلامية ، فإنها اليوم أكثر حكومات العالم عداوة للإسلام وحربـًا عليه !!
وهذه مدن العراق ، بلد نبي اللَّه الخليل عليه السلام كانت مصادر إشعاع للعلم والمعرفة ، فأصبحت تُقاد باسم البعث ، الذي يؤمن بالبعث الدنيوي ، ويكفر بالبعث الأخروي !!
وهذا هو الأزهر الشريف كان حصنـًا للعلماء الذين يقودون المصريين ، فلا يفعلون ولا يتركون إلا بأمر العلماء ، فقد تحول علماؤه – باعترافهم – إلى موظفين عموميين ، وأصبحت مصر بلا قيادة دينية حقيقية ، فقادتها وسائل الإعلام(1) .
وهذه هي الصوفية بألغازها وإشاراتها قالت بالحلول ووحدة الوجود ، وزعمت الكشف والشهود ، ولبست على الناس بأنواع المخاريق ، وابتدعت في دين اللَّه من البدع والخرافات ما لا يحصيه إلا اللَّه ، مما ترتب على ذلك تولد فرق ضالة أساءت إلى الإسلام ، فمزقت الأُمة أشد تمزيق في العصور المتأخرة ؛ مثل فرق القاديانية ، والبهائية ، والماسونية ، التي طار شررها في كثير من البلاد ، بل وتبنتها بعض دول الكفر والإلحاد لتكيد للإسلام(2) .
وهذه المنظمات الإسلامية والعربية على كثرة عددها ، والتي تملك كل الوسائل المادية والمعنوية لنصرة الإسلام والمسلمين ، عجزت أن تزعزع إسرائيل من مكانها ، كشوكة في ظهر الأمة الإسلامية ، ممثلة مظهرًا سافرًا لذلة الأمة ذات التاريخ المجيد !!
فهل إلى خروج من سبيل ؟ ومتى نخرج من هذا الركام ؟
لا بد لنا أن نراجع أنفسنا شعوبـًا وأفرادًا ، فإذا عقدنا العزم فعلينا أن نجسد تعاليم الكتاب وتوصيات رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ، وذلك بإحلال الوفاق محل الشقاق ، والوئام محل الخصام ، والمحبة بدلاً من الكراهية ، والأخوة المتواصلة الاستمرار بدلاً من التقاطع والإدبار .
لو فعلنا ذلك فسوف يبشرنا ربنا بنصره ، ويجعلنا من جديد أُمة عدل وإنصاف تسود العالم ، بل سيدخلون في دين اللَّه أفواجـًا خلاصـًا مما كانوا فيه إلى ظلال العدل والإنصاف ، وحينئذ نتذكر قول اللَّه تعالى : { إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ @ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا } [ النصر : 1، 2 ] ، ويتحقق وعد اللَّه ، واللَّه لا يخلف الميعاد : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِي

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا