الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

على أبواب تقنين الشريعة

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

على أبواب تقنين
ودعوة إلى الانفتاح الفكرى
بقلم: الدكتور على محمد جريشة

طالعت بجريدة الأهرام ( 9/4/1398- 1/4/1978 ) تحت عنوان: ( على أبواب تقنين الشريعة، ودعوة إلى الانفتاح الفكرى ) للكاتب الإسلامى الكبير الدكتور عبد المنعم النمر وكيل الوزارة لشئون المعاهد بالأزهر الشريف- طالعت تفاؤله باتجاه الدول الإسلامية عامة ومصر خاصة نحو اقتباس قوانينها من الشريعة الإسلامية، ثم دعوته إلى الاجتهاد خارج ما دون في كتب الفقه، قياسًا على اجتهاد الصحابة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن قال فضيلته: ( حتى وجدنا الصحابة رضوان اللَّه عليهم وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدين يصدرون أحكامًا في المسألة غير ما كان أصدره الرسول من حكم فيها نفسها وذلك لحسن إدراكهم لعلة الحكم الذي أصدره الرسول، وتوخيهم هذه العلة بحقها فيما رأوه من حكم يخالف حكم الرسول ).
نحن نقدر ( المصلحة ) التي دفعت الأستاذ الكبير إلى كتابه هذا المقال، ونقدر معها ( ماضيا ) للكاتب لا يزال له أثره في نفسه وفي أنفسنا.
وبكل التقدير لما كتب فإننا نستسمحه في بعض الملاحظات قد تكون تأكيدًا لما كتب، أو إيضاحا لبعض ما كتب، أو تعليقًا على بعض ما كتب، لكنها في جملتها لا تغض من الباعث من وراء الكتابة كما لا تغض من الغاية منها.
* وأول ملاحظة: أننا نخالفه في تفاؤله بإقبال الدول الإسلامية عامة ومصر خاصة نحو اقتباس قوانينها من الشريعة الإسلامية. وكم كنا نود أن نشاركه مشاعر التفاؤل، وهى بلا شك أخف على النفس وأهون عليها من مشاعر عدم الثقة فيما يجرى من خطوات- كما نود أن نعيش المشاعر الوردية التي يعيشها، لولا أن الأحداث ومعرفتنا بأشخاصها تأبى علينا ذلك.
ويكفى مثلاً من مصر- ولا نتعداها إلى غيرها- أن نضع أمام الرأى العام الحقائق التالية:
1- صدر دستور مصر الدائم سنة 1971 ناصًا على أن دين الدولة الإسلام، ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع، وبغض النظر عما قيل من انتقادات للنص في شطره الثانى، فقد كان كافيًا لو صحت النوايا وسلمت أن يكون أساسًا لتغيير شامل يصبغ المجتمع المصرى بصبغة الشريعة الإسلامية ابتداء من عقيدته وثقافته، إلى تقاليده وأعرافه، إلى أخلاقه وسلوكه، إلى شعائره التعبدية وما ينبغى لها من توقير وتعظيم، إلى معاملاته بشمولها بكل فروع القانون العام والخاص.
كان النص كافيًا لهذا كله لو صحت النوايا وسلمت، ولكن مضى منذ سنة 1971 حتى 1978 سبع سنوات ولم يحدث أدنى تغيير في أى مجال من المجالات السابقة، والقانون الوحيد الذي أحيل إلى مجلس الدولة توطئة ليأخذ طريقه إلى الإصدار، الذي تضمن أحكام حد الردة- هذا القانون تردى حتى اختفى لظروف قد يعرفها البعض وقد يجهلها الكثير.. وهذه الظروف لو سلمنا بها أو سلمنا لها فإن التقييم لذلك هو عدم صدور أى قانون آخر مستمد من الشريعة الإسلامية.
2- صرح وزير العدل السابق منذ فترة قصيرة بأنه لا توجد ( ملائمة سياسية ) لتطبيق الشريعة الإسلامية.
وأكد تصريحه من قبل، دفن قانون الردة حيًا أو وأده كما كان العرب يئدون البنات.. وأكد تصريحه الإعراض عن طلب حوالى مائتى عضو من أعضاء مجلس الشعب في طلب مكتوب المسارعة بإصدار قوانين الشريعة الإسلامية ( وقد قدم الأزهر الكثير، وقدمت اللجنة التي يشرف عليها الدكتور النمر، وتتشرف هي بعضويته لها كثيرًا كذلك ).
وأكد الزمن تصريح وزير العدل.. سبع سنوات لم تحدث فيها ( خطوة عملية ) نحو الشريعة الإسلامية، وكان يمكن أن يحدث فيها الكثير كما حدث في قوانين وأوضاع أخرى.. لولا الملائمة السياسية التي أشار إليها ( معالى ) الوزير.
ومن قبل هذا الوزير همس وزير سابق إلى بعض أعضاء اللجنة المقررة موصيًا أن يأخذوا في وضع قوانين الشريعة عشر سنوات.
3- أن ثمة جوانب لا تحتاج إلى لجان ولا إلى مجالس.. يمكن أن يستقيم أمرها على أمر اللَّه.. فيما لو صدرت الأوامر إلى الجهات المعنية أن التزموا أمر اللَّه.
وفي مقدمة هذه الجهات.. أجهزة الإعلام، التي تصر في كل يوم على أن تزداد بعدًا عن اللَّه وأن تزيد الشعب إبعادًا عن إسلامه.
لكن الأمر كما سجله عليها المؤتمر العالمى لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة المنعقد في المدينة المنورة عام 1397 هـ أنها تردت إلى هوة سحيقة ولا تزال إلى اليوم تتردى، فبدلا من أن تكون منارة إشعاع للحق، ومنبر دعوة إلى الخير صارت صوت إفساد، وسوط عذاب.
وقس على الإعلام… الثقافة والفن، والتعليم.
والأمر كما بدأنا- أمر نوايا.. بحاجة إلى أن تصح وأن تسلم، هذه هي الملاحظة الأولى.
* الملاحظة الثانية: وفيها نتفق مع فضيلة الدكتور عبد المنعم النمر فيما طالب به من محاولة الاجتهاد خارج ما دوِّن في كتب الفقه.
وذلك طبعًا في حدود نصوص الشريعة، وأصولها وقواعدها العامة.
ولا شك في أن من يقوم بذلك لا بد له من التخصص، وهذا أمر مطلوب في عصر يحترم التخصص في كل مجال {وَلَوْ ر

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا