الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

صلاح الدنيا والآخرة

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

باب التفسير
صلاح الدنيا والآخرة
بقلم الشيخ / عبد العظيم بدوي

قال تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) [ النساء : 59] .
عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي) (1) .
وهذه الآية الكريمة يرشدنا الله تعالى فيها إلى وسائل تحقيق صلاح الدين والدنيا والآخرة ، وما أحوجنا إليها في هذا الزمان الذي فيه : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ) [ الروم : 41] ، وما أحوجنا إلى هذه الآية نتدبرها ونفقهها ونعمل بها ، عسى الله أن يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وآخرتنا التي إليها معادنا .
استفتحت الآية بالنداء على المؤمنين بقلب الإيمان : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا ) تذكيرًا لهم بما يقتضيه الإيمان من السمع والطاعة وفورية الاستجابة لما يأمر الله به أو ينهى عنه ، كما قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ) [ الأحزاب : 36] .
وبعد النداء يأتي الأمر : ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) ، وقد تكرر هذا الأمر في القرآن كثيرًا ، ومنه : ( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) [ النور : 54] ، ( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ) [ آل عمران : 32] ، ونحو ذلك كثيرًا ، وطاعة الله ورسوله من موجبات الفلاح ، قال تعالى : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [ النور : 51] .
وطاعة الله ورسوله من موجبات الفوز ، قال تعالى : ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ) [ النور : 52] .
وطاعة الله ورسوله من موجبات الرحمة ، قال تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) [ آل عمران : 132] ، وطاعة الله ورسوله من موجبات الدخول في الصالحين ، قال تعالى : ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ) [ النساء : 69] .
وكما أمر الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله فقد حذر من معصيته ومعصية رسوله ، فقال تعالى : ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ) [الأحزاب : 36] ، وقال تعالى : ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِين ) [ النساء : 14] .
وأخبر سبحانه أن العصاة سيندمون أشد الندم في وقت لا ينفعهم فيه الندم ، فقال تعالى : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا(41)يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا ) [ النساء : 41 ، 42] ، وقال تعالى : ( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ) [ الأحزاب : 66] .
فعلينا أن نطيع الله ورسوله ، فبهذه الطاعة يصلح الله لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا .
ثم قال تعالى : ( وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم ) ؛ أي وأطيعوا أولى الأمر منكم ، وإنما لم يكرر فعل : (أطيعوا) مع أولي الأمر ، وكرره مع الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الرسول يجب أن يطاع مطلقًا ؛ لأنه لا يأمر إلا بالخير ولا ينهى إلا عن الشر ، لا يأمر إلا بالمعروف ، ولا ينهى إلا عن المنكر ، وأما أولو الأمر فربما أمروا بالمنكر ونهوا عن المعروف ، لذلك لم يكرر الفعل : ( أطيعوا) مع أولي الأمر ليعلم المؤمنون أن طاعة أولي الأمر داخلة في طاعة الله ورسوله ، فإذا أمروا بغير ذلك فلا سمع لهم ولا طاعة .
وأولو الأمر هم الأمراء بلا خلاف ، وإنما الخلاف في العلماء هل يشملهم اللفظ أو لا ؟ والراجح أن لفظ : ( أولي الأمر ) يشمل الأمراء والعلماء معًا ؛ لأن الأمراء تولوا أمر الدنيا ، والعلماء تولوا أمر الدين ، وقد أمر الله تعالى بطاعة ال

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا