الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

شهر رمضان : أحدات وتاريخ

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

كلمة التحرير
بقلم رئيس التحرير
صفوت الشوادفي
شهر رمضان … أحداث وتاريخ

الحمد لله … والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد :‏
فقد حل بنا شهر كريم ، فرض الله علينا صيامه ، وسن لنا رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم قيامه .‏
ويتميز هذا الشهر عما سواه بالحرص من الجميع على الإقبال على الله ؛ الطائعين ‏والعاصين على سواء !!‏
ويختص هذا الشهر بأحداث عظيمة وقعت فيه تحتاج من كل مسلم إلى تذكر وتدبر ‏وتفكر لينتفع بمواضع العبرة ، ويجني بها الثمرة !‏
‎ ·‎‏ فمنها .. بل أهمها على الإطلاق بداية نزول الوحي الكريم على رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم في غار حراء ؛ وقد جلس في خلوته يتعبد ، فنزل عليه ‏جبريل عليه السلام بأول كلمة قرآنية ، فكانت : ( اقرأ ) ، وهي دعوة إلى ‏العلم الذي يصل العبد بربه وخالقه ، ويدرك به الخشية : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ ‏مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) [ فاطر : 28] ، ويرفع منزلة صاحبه ودرجته : ( هَلْ ‏يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) [ الزمر : 9] ؟ والجواب قطعًا لا ‏يستوون ! ‏
وفي بدء نزول القرآن في رمضان على رسول الله صلى الله عليه وسلم – وهو في الغار ‏يتعبد – تنبيه لطيف على أن رمضان هو شهر القرآن ، وأنه شهر العبادة الخاصة ‏‏، وأنه شهر الانقطاع إلى الله متمثلاً في الاعتكاف ، وقد اختاره الله لذلك من بين ‏سائر الشهور مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينقطع إلى العبادة في غار ‏حراء في غيره من الشهور ، فاختيار هذا الشهر علامة على فضله وارتفاع درجته ‏دون غيره .‏
‎ ·‎‏ ومن الأحداث التي وقعت في رمضان ( غزوة بدر الكبرى ) وذلك في السابع ‏عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة وكان في هذه الغزوة المباركة أول ‏انتصار حاسم للإسلام على الكفر ، وقد ظهر فيها بوضوح مدد الله وتوفيقه ‏لأوليائه الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، كما قال الله عز وجل : ( فَلَمْ ‏تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ) [ الأنفال : 17] ‏‏.‏
ولما أخذ المؤمنون بأسباب النصر من صدق الإيمان وحسن التوكل على الله واليقين في ‏وعده : ( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ) [ محمد : 7] ، والإخلاص وسلامة القلب ‏وإعداد العدة والصبر عند اللقاء ، أقوال : لما أخذ المجاهدون بهذا كله أنزل الله ‏ملائكته إلى ميدان القتال ، ومن يقوى على مواجهة الملائكة !!‏
وفي ذلك يقول الله عز وجل : ( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ ‏ءَامَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ ‏بَنَانٍ ) [ الأنفال : 12] .‏
ولن ينتصر المسلمون على أعدائهم إلا إذا انتصروا على أنفسهم وكبحوا جماحها ، ‏وشهر رمضان هو خير معين بعد الله للانتصار على النفس الذي هو طريق النصر ‏على الأعداء !!‏
ولذلك سمى بعض العلماء جهاد النفس ( الجهاد الأكبر ) ! تنبيهًا على هذا المعنى ‏الجليل ؛ ولم يصح فيه حديث .‏
‎ ·‎‏ وفي شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة فرضت زكاة الفطر التي هي ‏طهرة للصائم وطعمة للمساكين ، ومن لطائف أحكامها أنها تجب على من يملك ‏قوت يوم وليلة ؛ وهذا نصابها !‏
وهو ميسور لكل فقير ، وهذا يعني أنها تجب على الفقراء ، فلمن يعطيها الفقير ؟ ‏يعطيها لفقير آخر ! وهو لا يخرج إلا هذه الزكاة فيعتاد على العطاء والجود ، وإن ‏كان فقيرًا ، ويخرج بها الفقير من بيته ليلة العيد قاصدًا بيت فقير آخر ، فيليقاه ‏أخوه الفقير ، وقد حمل كل منهما زكاته لصاحبه !! فيتبادلان الزكاة ! إنها ‏درس عملي في العطاء والجود والكرم والسخاء .‏
‎ ·‎‏ وفي السنة الخامسة من الهجرة في رمضان كان الاستعداد لغزوة الخندق أو ( ‏الأحزاب ) التي انتصر فيها المسلمون بفضل الله ورحمته بغير قتال ولا معركة ‏سوى مبارزات ومناوشات محدودة : ( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا ‏خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ) [ الأحزاب : 25] .‏
‎ ·‎‏ وفي شهر رمضان كان الفتح الأكبر ( فتح مكة ) ، وكان ذلك في الحادي ‏والعشرين من رمضان في السنة الثامنة من الهجرة ، وكان هذا الفتح ثمرة جهاد ‏طويل بالسيف واللسان لسنوات طويلة قد تحلى فيها المؤمنون الصادقون بالصبر ‏واليقين .‏
ولا يتسع المقام هنا لتفصيل هذا الحدث العظيم ، لكن ينبغي على كل صائم وصائمة ‏أن يرجع إلى كتب السنة والسير ليقرأ تاريخ فتح مكة وما وقع فيه من مواقف ‏لينتفع بذلك انتفاعًا عظميًا يعجز القلم عن وصفه ، واللسان عن بيانه .‏
‎ ·‎‏ وفي شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة تحطمت بعد فتح مكة رموز ‏الشرك ، وتهاوت الأصنام التي عبدها الناس من دون

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا