شخصية الرسول بلا تفريط ولا إفراط
بقلم: محمد عبد اللَّه السمان
يقول الفيلسوف الروسى: تولستوى
( مما لا ريب فيه أن محمدًا من عظام الرجال المصلحين.. الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمة جليلة.. ويكفيه فخرًا: أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق.. وفتح لها طريق الرقى والمدنية.. وهو عمل عظيم لا يقوم به إلا رجل أوتى قوة ).
ويقول الفيلسوف الإنجليزى: كارليل:
( أى دليل نبغى على صدق محمد صلى الله عليه وسلم فيما يدعيه من النبوة، أكبر من أن يأتى الناس بدين يهديهم، ويدفعهم في طريق الحياة الفاضلة)..؟
وهذا فيلسوف إنجليزى آخر، هو الكاتب برناردشو.. يقول:
( يجب أن يدعى محمد صلى الله عليه وسلم منقذ الإنسانية.. وإنى لأعتقد بأنه لو تولى رجل مثله دفة العالم لنجح في حل مشكلاته، بطريقة تجلب إلى العالم السلام والسعادة اللذين هو في أشد الحاجة إليهما ).
أما المؤرخ المعروف، جوستاف لوبون، فيقول في كتابه: حضارة العرب:
( إذا ما قيست قيمة الرجال بجليل أعمالهم، كان محمد أعظم من عرفه التاريخ ).
وأما العالم السويسرى سيو مونتيه الذي قام بترجمة القرآن الكريم، فيعجب في مقدمته من إيمان النصارى في أوربة بأنبياء بني إسرائيل، وعدم إيمانهم بنبوة محمد- صلوات اللَّه وسلامه عليه..
هذا ما يقوله عقلاء المفكرين من غير المسلمين، عن شخصية الرسول- صلوات اللَّه وسلامه عليه- وهم أناس درسوا الإسلام ونبي الإسلام على بصيرة، فجاءت كلماتهم عن شخصية محمد- عليه الصلاة والسلام- كلمات لها وزنها ليس فيها شيء من الخيال أو الغلو، وكنا- نحن المسلمين- أحق بهذا منهم، ولدينا كتاب اللَّه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، ولدينا سنة نبينا الصحيحة المعتمدة، فإذا أردنا الكلام عن محمد عليه السلام، فليكن هذان المصدران مرجعًا لنا وإمامًا وقدوة لا قوالنا وكتاباتنا…
في الصيف الماضى كنت في معسكر للشباب المسلم في مدينة أبها بالسعودية، ضم شبابًا عديدا مسلما من شتى أنحاء أوربا وأمريكا، وجرى حوار بين مذيع وشاب من سويسرا، سأله المذيع عن كيفية اعتناقه الإسلام، وعن الكتب الإسلامية التي قرأها، ثم سأله: أى الكتب أثر فيك ودعاك إلى الإسلام؟ فأجاب الشاب: ( ليس هذا بسؤال، فالمفروض أن أول كتاب أثر في، ودعانى للإسلام، هو كتاب اللَّه عز وجل ) وأصبنا بشيء من الخجل، فنحن نطرح جانبًا كتاب اللَّه عز وجل ونهرع إلى كتب غلاة المتصوفة، نستقى منهم معرفتنا برسول اللَّه- صلوات اللَّه وسلامه عليه..
وتعالوا بنا إلى ما يقوله كتاب السيرة المحمدية وبعض علماء المسلمين، لندرك الفرق الشاسع بين عقولنا وعقول الأجانب عن الإسلام وقد مر بنا طرف من أقوالهم، يقول القاضى عياض في كتابه ( الشفاء ): ( أن محمدا أوتى قوة أربعين رجلا في الجماع ) وفى مكان آخر، أنه- صلوات اللَّه عليه- كان يمر على سائر زوجاته- أى يباشرهن- في وقت يعدل قراءة كذا آية… ويروى عن أنس: ” فضلت على الناس بأربع: السخاء، والشجاعة، وكثرة الجماع، وقوة البطش” !.
ولك أن تتصور كيف نقدم بأيدينا مادة دسمة لخصوم الإسلام من المبشرين الحاقدين ليردوه علينا في كتبهم تشويهًا لصورة الإسلام ونبي الإسلام المشرقة، ولم نحاول أن نفقه أن زواج الرسول- عليه السلام- بأكثر من واحدة، لم يكن إلا لعوامل اقتضتها السياسة العليا للدعوة، بالإضافة إلى دوافع إنسانية محضة، اقتضتها إنسانية الرسول نفسه، وإلا فما كان أغناه صلى الله عليه وسلم عن أن يظل مع السيدة خديجة أكثر من ربع قرن، وقد تزوجها في سن الأربعين، بينما هو كان في شرخ الشباب في الخامسة والعشرين، ولم يتزوج غيرها إلا بعد أن لحقت بربها.. وما كان أغناه عليه السلام أن يتزوج العجائز اللاتى بلغن سن اليأس من أمثال: أم سلمة.. وما كان أغناه- عليه السلام- بعد ذلك عن مهاجمة المبشرين له، بأنه رجل شهوانى كانت غاياته تلتقى عند حد التمتع بأكبر عدد من النساء.. !
ويقول القاضى عياض أيضًا:
إن الرسول عليه السلام كان إذا أراد قضاء حاجته في الخلاء، تجمعت الحجارة والأشجار لتستره.. وتارة يقول: أنه إذا أراد أن يتغوط انشقت الأرض فابتلعت غائطه وبوله، وفاحت لذلك رائحة طيبة، لأن الأرض تبتلع ما يخرج من الأنبياء فلا يرى منه شيء، ثم يقول: إن قومًا من أهل العلم قالوا بطهارة هذين الحدثين منه صلوات اللَّه وسلامه عليه..
ويفسر القاضى عياض قول اللَّه تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}: الله نور السموات، ومحمد نور الأرض.. ويدعى أن رجلا شاهد في خراسان مولودا، على أحد جنبيه: لا إله إلا اللَّه، وعلى الآخر: محمد رسول اللَّه، ويدعى أيضًا: أن في الهند وردًا أحمر، كتب عليه باللون الأبيض: لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه…
وحدث عن البيهقى في دلائل النبوة- ولا حرج، فهو يقص علينا: أن العباس قال للرسول عليه السلام:
( دعانى إلى الدخول في دينك


