الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

سورة الذاريات (الحلقة الثالثة)

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

باب التفسير
سورة الذاريات
الحلقة الثالثة
بقلم الدكتور عبد العظيم بدوي

{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ @ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَمـًا قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ @ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ @ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ @ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ @ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ @ قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ @‏ ‏قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْلُونَ @ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ @ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ @ مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ @ فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ @ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ @ وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الأَلِيمَ @ وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ @ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ @ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ @ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ @ مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ @ وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ @ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ @ فَمَا اسْتَطَاعُوا مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنتَصِرِينَ @ وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ } [ الذاريات : 24- 46 ] .
هذه المجموعة من الآيات قد تضمنت الإشارة إلى قصص بعض النبيين ومصارع أممهم المكذبين ، أراد اللَّه بها أن يُثَبِّت فؤاد نبيه صلى الله عليه وسلم ، لِيصْبرَ على تكذيب قومه ، كما قال له : { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ @ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ @ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } [ الحج : 42- 44 ] ، فَلْتصْبِر فإنّ اللَّه ناصرك كما نصر إخوانك المرسلين ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ } [ الأنعام : 34 ] .
هذه واحدة ، والثانية : لعل الذين كَذِّبوا محمدًا صلى الله عليه وسلم حين يرون مصارعَ المكذِّبين يخافون أن يحلّ بهم ما حلّ بهم : { فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } [ الحج : 54 ] .
وبدأت الآيات بإبراهيم عليه السلام، وبدأت الحديث عنه بهذا السؤال : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ } ؟ حتى يهتمّ الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ويقبل عليه ، وهو أسلوبٌ نستخدمه مع بعضنا البعض في الأخبار الهامة ، فإذا قابلت أخاك وأحببت أن تشوّقه إلى معرفة ما عندك ، طرحت عليه هذا السؤال : هل علمت بكذا ؟ فيقول : لا ، فتفيده بعدما ملكت مشاعره ، وجلبت انتباهه ، وهكذا اسْتَفْتحت الآياتُ الحديث عن إبراهيم عليه السلامبهذا السؤال الموجّه إلى النبي صلى الله عليه وسلم : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ } ؟ فيقول صلى الله عليه وسلم : ما أتاني ، فيُقال : فاستمع ، فيخبره .
وقد وصف اللَّه ضيف إبراهيم بأنهم مكرمين ؛ إما لكونهم : { كِرَامٍ بَرَرَةٍ } [ عبس : 16 ] ، كما حكى اللَّه عنهم في غير هذا الموضع ، وإما لأن الخليل عليه السلامقام على خدمتهم بنفسه ، ومن كان كذلك فهو حقـًّا مكرم ، وهؤلاء الضيف هم الملائكة الذين أُرسلوا إلى قوم لوط ، لهلاكهم .
{ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ } على إبراهيم { فَقَالُوا سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ } . قال أهل اللغة : الرفع أشرف وأفضل من النصب ، فكان ردّ الخليل أحسنَ مما حيّوه به ، وهذا الأدب أمرنا اللَّه تعالى به في قوله : { وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } [ النساء : 86 ] ، فلما حيّاهم بأحسن مما حيّوه به نظر في وجوههم فلم يعرْف منهم أحدًا ، فقال في نفسه : { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } لا أعرفهم ، { وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ } [ يوسف : 77 ] ؛ لأن التصريح بها خلافُ الأدب مع الضيف ، وإبراهيم عليه السلامأَوْلى الناس بمعرفة حق الضيف . فالواجب إذا جاءك ضيفٌ أن تدخله البيت أولاً وتكرمه ، ثم تتعرّف عليه ، وعلى ما جاء له ، كما فعل الخليل عليه السلام، حيّوه فحيّا

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا