الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رمضان شهر التقوى

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

‏ الافتتاحية ‏
رمضان شهر التقوى
بقلم الرئيس العام / محمد صفوت نور الدين

يقول الله سبحانه وتعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ‏الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) [ البقرة : 183] .‏
فالصيام من أكبر أسباب التقوى ؛ لأن فيه امتثال أمر الله تعالى واجتناب نهيه ، ‏فمما اشتمل عليه من التقوى أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب ‏والجماع ونحوها التي تميل إليها نفسه متقربًا بذلك إلى الله راجيًا بتركها ثوابه ، ‏فهذا من التقوى .‏
ومنها أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته ‏عليه لعلمه باطلاع الله عليه .‏
ومنها أن الصيام يضيق مجاري الشيطان ، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم ، ‏فبالصيام يضعف نفوذه وتقل منه المعاصي .‏
ومنها أن الصائم – في الغالب – تكثر طاعته ، والطاعات من خصال التقوى .‏
ومنها أن الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك مواساة الفقير المعدم ، وهذا من ‏خصال التقوى .‏
فإذا كان الأمر بالصوم خاصًّا بالمؤمنين مقارنًا ذلك بأن الله افترضه على الذين من ‏قبلهم حتى ينافسوهم في الخيرات ، فإن الله سبحانه يأمر الناس جميعًا بالأمر ‏العام مكلفًا إياهم بالعبادة التي هي امتثال لأوامر الله سبحانه ، واجتناب لنواهيه ‏‏، وتصديق لخبر رسوله الذي بعثه ، ويقول سبحانه : ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا ‏رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون ) [ البقرة : 21] ، ولذلك خلقهم ‏‏: ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) [ الذاريات : 56] ، وهو ربهم الذي ‏رباهم بأنواع النعم ، فخلقهم بعد عدم ، وأنعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة ، ‏فجعل لهم الأرض فراشًا يستقرون عليها ويبنون ويزرعون ، وخلق لهم كل شيء ، ‏ثم علل ذلك بقوله : ( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون ) .‏
وقد وردت التقوى بمادتها في القرآن الكريم في قرابة ثلاثمائة موضع من الكتاب ‏الكريم ، حتى يمكن أن يقال : إن الغاية من رسالة الإسلام ، بل ومن جميع ‏الأديان هي تحصيل التقوى .‏
حيث يقول القرآن الكريم على لسان نوح وهود ولوط وشعيب ، كل نبي يخاطب ‏قومه بقوله : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ) [ آل عمران : 50] ، ولقد بينت آيات القرآن ‏الكريم أثر التقوى ؛ فمنها آثار يجعلها الله للعبد في الدنيا منها : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ ‏يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ) [ الطلاق : 4] ، وقوله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ ‏مَخْرَجًا(2)وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) [ الطلاق : 2 ، 3] .‏
ومنها قوله عز وجل : ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ) [ البقرة : 282] ، وقوله ‏سبحانه : ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُون ) [ النحل : 128] .‏
ومنها ما يجعله الله للعبد في الآخرة ، فبها تفتح أبواب الجنة : ( وَسِيقَ الَّذِينَ ‏اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا ‏سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِين ) [ الزمر : 73] .‏
والتقوى تزيل الخوف وتجلب الأُنس في الآخرة : ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ‏عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ(67)يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ(68)الَّذِينَ ءَامَنُوا ‏بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ(69)ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ) [ الزخرف : ‏‏67 – 70] .‏
ويقول سبحانه : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ(54)فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ‏‏) [ القمر : 54 ، 55] .‏
وتقوى الله عز وجل دافع للعبد أن يعمل الخير وأن يجتنب الشر ؛ لذا كان النبي ‏صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه بالحث على التقوى بقوله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ‏ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) [ آل عمران : 102] ، ( ‏يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ ‏مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ ‏رَقِيبًا ) [ النساء : 1] ، ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا ‏سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ ‏فَوْزًا عَظِيمًا ) [ الأحزاب : 70 ، 71] .‏
فكانت تقدم هذه الآيات بين يدي الأمر بالمعرو

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا