دفاع عن السنة
بقلم فضيلة الشيخ: محمد حسان
الحمد للَّه ، والصلاة والسلام على رسول اللَّه ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .. وبعد :
فلقد تناول الدكتور / مصطفى محمود موضوع الشفاعة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم على صفحات جريدة الأهرام ، فقدم العقل على النقل ، ورد الأحاديث الصحيحة الثابتة عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بدعوى أن الأحاديث تتعارض مع القرآن ، فلا هو أخذ بالسنة ولا هو فهم القرآن ؛ لأنه لا يُفهم القرآن إلاَّ من خلال سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، واللَّه أسأل أن يردنا والدكتور إلى الحق ردًّا جميلاً ، وأن يثبتنا عليه حتى نلقاه ، إنه ولي ذلك ومولاه .
إن مكانة صاحب السنة عند اللَّه لعظيمة ، وإن قدره عند ربه لكريم ، فلقد خلق اللَّه الخلق ، واصطفى من الخلق الأنبياء ، واصطفى من الأنبياء الرسل ، واصطفى من الرسل أولي العزم الخمسة ، واصطفى من أولي العزم الخمسة الخليلين الكريمين إبراهيم ومحمد ، واصطفى محمدًا ، ففضله على جميع خلقه ، فشرح له صدره ، ورفع له ذكره ، ووضع عنه وزره ، وزكاه سبحانه في كل شيء .
وما خاطب اللَّه سبحانه وتعالى نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم باسمه المجرد قط ، فما من نبي إلا ونادى عليه ربه باسمه المجرد ، إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم . قال تعالى : { يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ } [ البقرة : 35 ] ، { يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا } [ هود : 48 ] ، { يَا إِبْرَاهِيمُ @ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا } [ الصافات : 104، 105 ] ، { يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ } [ مريم : 7 ] ، { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ } [ مريم : 12 ] ، { يَا دَاودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ } [ ص : 26 ] ، { يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ } [ النمل : 9 ] ، { يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } [ آل عمران : 55 ] ، فلما أراد أن ينادي على المصطفى صلى الله عليه وسلم قال : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا @ وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا } [ الأحزاب : 45، 46 ] ، وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ } [ المائدة : 41 ] ، وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ @ قُمْ فَأَنذِرْ } [ المدثر : 1، 2 ] ، وما ذكر اللَّه اسم النبي صلى الله عليه وسلم مجردًا إلا مقترنـًا بالرسالة ، فقال سبحانه : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ } [ آل عمران : 144 ] ، وقال تعالى : { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ } [ الأحزاب : 40 ] ، وقال تعالى : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ } [ الفتح : 29 ] ، لقد أخذ اللَّه العهد والميثاق على جميع الأنبياء والمرسلين إن بعث فيهم محمد صلى الله عليه وسلم أن يؤمنوا به ويتبعوه وينصروه ، قال جل وعلا : { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ } [ آل عمران : 81 ] ، وخصه ربه جل وعلا بالشفاعة العظمى وهي المقام المحمود الذي قال اللَّه فيه : { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا } [ الإسراء : 79 ] ، وخصه بالكوثر ، والكوثر نهر في الجنة لنبينا صلى الله عليه وسلم ماءه أشد بياضـًا من الثلج ، وأحلى من العسل ، وريحه كالمسك ، من سقي منه بيد المصطفى صلى الله عليه وسلم شربة لا يظمأ بعدها أبدًا حتى يتمتع بالنظر إلى وجه اللَّه في الجنة ، قال تعالى : { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ @ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ @ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ } [ الكوثر : 1-3 ] ، وأنه لا يعرف مكانة النبي صلى الله عليه وسلم حقـًّا إلاَّ الرب العلي ، ومكانة السنة من القرآن والدين من مكانة النبي عند رب العالمين .
في إقليم بنجاب في بلاد الهند ظهرت فرقة خبيثة هدامة للإسلام بعد القاديانية المخرفة ، هذه الفرقة أطلق عليها اسم القرآنيون ، أظهرت هذه الفرقة عقيدة باطلة يغني بطلانها عن إبطالها ، ويغني فسادها عن إفسادها ، ومع ذلك فقد تأثر بعقيدتهم كثير ممن ينتسبون إلى الإسلام ، فحوى هذه العقيدة الخبيثة أن الإسلام هو القرآن وحده بدون السنة ، فلا هم أخذوا السنة ، ولا هم فهموا القرآن ؛ لأن القرآن لا يفهم أبدًا إلا من خلال السنة ، فهم


