الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

دروس من قصة صالح عليه السلام

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

باب السيرة
وقفات مع القصة في كتاب الله
دروس وعبر من قصة صالح عليه السلام
فضلة الشيخ / عبد الرزاق السيد عيد

أولاً : ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ .. )
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
أخي القارئ الكريم : نتابع معًا مسيرة التاريخ البشري في إحدى حلقات الصراع بين الحق والباطل ، فالناس فريقان لا ثالث لهما : إما أتباع الرحمن ، وهم المتبعون لمنهج رسُل الله في كل زمان ومكان ، أو أتباع الشيطان ، وهم المنحرفون عن منهج الأنبياء في كل زمان ومكان .
وبعد أن وقفنا مع آدم – عليه السلام – ونوح وهود ، نقف اليوم مع نبي الله صالح عليه وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين صلوات ربي وسلامه .
وصالح – عليه السلام – هو نبي الله صالح بن عبيد بن ماسح بن حادر بن ثمود بن عاثر بن إرم بن نوح ، أرسله الله إلى قومه ( ثمود ) ، وكانوا عربًا من العاربة يسكنون الحجر ، وهو مكان بين الحجاز وتبوك ، والذي يمرُّ الآن من المدينة المنورة إلى تبوك يمرُّ بمنطقة ( العلا ) ، وهناك يشاهد آثار ثمود : القصور التي نحتوها في الجبال وأقاموها في السهول ، ويرى كذلك الموضع الذي خرجت منه الناقة التي جعلها الله آية لهم ، فكذبوا بها فأخذهم العذاب : ( فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ) [ النمل : 52] ، تشهد على مصيرهم ، ومصير كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب .
وثمود استخلفهم الله في الأرض من بعد ( عاد ) وهيَّأ لهم سبل العيش الكريم ، والحياة الرغدة ، ومكَّنهم حتى من الجبال ينحتون منها البيوت ، وأجرى لهم العيون ، وأنبت لهم الجنات .
ولقد ذكَّرهم الله بهذه النِّعم على لسان نبيِّه صالح إذ قال لهم : ( وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا ءَالَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) [ الأعراف : 74] ، وقال لهم : ( أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا ءَامِنِينَ(146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ(148)
وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (1)) [ الشعراء : 146 – 149] ، هذه الأرض مكَّن الله قوم صالح منها ، وطلب منهم أن يشكروا الله عليها بالإصلاح في الأرض وعدم الإفساد فيها ، فقال تعالى : ( فَاذْكُرُوا ءَالَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) [ الأعراف : 74] .
ولكن كيف يكون الإصلاح في الأرض ؟
يكون بأمرين :
الأول : عبادة الله وتقواه ، وطاعة الرسول .
الثاني : عدم طاعة المسرفين ( مخالفة المسرفين ) .
ومن هنا أمرهم الله بعبادته وتقواه ، وطاعة رسوله المبعوث لهم بالهدى ودين الحق ، فقال تعالى : ( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) [ الأعراف : 73] ، وقال تعالى : ( اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) [ هود : 61] ، ( إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ(142) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(143) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ) [ الشعراء : 142 – 144] .
وهذا هو العامل الأول لإصلاح الأرض .
ونهاهم سبحانه عن طاعة المسرفين ، وهم الملأ الذين استكبروا ، لأنهم أهل الفساد في الأرض : ( وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ) [ النمل : 48] ، فقال سبحانه محذرًا من طاعتهم : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(150) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ(151)
الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ) [ الشعراء : 150 – 152 ] .
فالمسرفون هم الملأ الذين استكبروا ، هم أصحاب النفوذ والسلطان في القوم ، هم حملة لواء التكذيب بالرسل ، هم قادة الفساد في الأرض وعدم الإصلاح ، لذلك نهى الله مَنْ آمن من قوم صالح عن اتباعهم .
ولقد تميزت قصة صالح عن قصة نوح وهود بأمرين .
الأول : المعجزة الحسيَّة : ( قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ ءَايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ الأعراف : 73] ، وهذه الناقة نسبها الله . إليه ، لأنها ناقة غير عادية ، فكل ناقة تولد من أمّها ، لكن هذه الناقة أخرجها الله من الصخر على هيئة عظيمة ، آية على صدق نبيِّهم المبعوث من رب القوى والقُدر ، ونذير هلاكٍ لهم إن هم كذبوا ، قال تعالى : ( وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ) [ الإسر

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا