جوهر الإسلام (14)

جوهر الإسلام
إعداد : رجب خليل
مذيع بإذاعة القرآن الكريم
-14-
الاستغاثة
فى مناسبات كثيرة على مدار كل عام تصافح آذاننا كلمات ينعق بها من أطلقوا عليه (موسيقار الأجيال) . هذه الكلمات يقول مطلعها (أغثنا أدركنا يا رسول الله) . ولم يدر المسكين الذى ينوح بها والذى نظم كلماتها من قبله والذى يرددها من بعدهما أنه ما ينطق إلا بكفر بواح .
ومثل ذلك كان يفعله فنان (هكذا كانوا يلقبونه) آثر في أواخر حياته أن يتجه إلى اللون الديني كما يقوله، وكان دائما ما ينوح هو الآخر بمنظومته الشهيرة(مدد يا نبي يا نبي مدد). ويرددها الناس وراءه دون علم بما تحمله الألفاظ من معاني الكفر والعياذ بالله تعالي.
ان الاستغاثة في معناها الجلي ما هي الا طلب لإزالة الهم والغم والضيق الذي قد يلم بالمسلم في ليل أو نهار. فكيف يستطيع مخلوق توفاه الله أن يفرج الكربات حتي ولو كان هذا المخلوق هو أحب خلق الله إلى الله محمد صلي الله عليه وسلم.
وعلي ذلك فلا تكون الاستغاثة أبدا إلا بالله عز وجل، لأنه هو سبحانه وحده القادر علي رفع الشدائد وكشف الكربات (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذا لنكونن من الشاكرين قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون).
وها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين لنا هذا الأمر ويوضحه فيقول (انه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله) وذلك حينما قال بعض الصحابة: قوموا بنا نستغيث برسول الله صلي الله عليه وسلم من أذي المنافقين.
وهناك لون من ألوان الاستغاثة جائز شرعا. هذه الاستغاثة هي ما يطلبه المسلم من أخيه المسلم الحي الحاضر في حدود مقدرته البشرية، كأن يستغيث به في دفع ظلم ظالم أو إعانته في شدة ألمت به. ومثال ذلك ما قصه الله تعالي علينا في قصة موسى عليه السلام (فاستغاثه الذي هو من شيعته علي الذي من عدوه فوكزه موسى فقضي عليه).
أما الاستغاثة غير الجائزة- كأن يستغيث الإنسان المسلم بواحد ممن يسمونهم بالأولياء أصحاب الأضرحة ففي ذلك لجوء الي غير جناب الله عز وجل، فضلا عن أن صاحب الضريح هذا لا يملك لنفسه شيئا، لأنه قد أفضي بما قدم إلى مولاه.
وليعلم كل من يقترف هذه الأعمال ويستغيث بغير مولاه عز وجل، وليعلم كذلك من يروجون لهذه الأعمال من مشايخ الطرق وعلماء الفتنة، وأنهم سيحملون أوزارهم وأوزار من يتبعونهم من العوام،لأنهم بذلك يروجون للشرك ويصرفون الناس عن عبادة خالقهم.
يقول تعالي: (ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون) ويقول عز وجل أيضا في شأنهم (قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا) ويقول تعالي (والذين تدعون من دونه ما يملكون من قمطير، ان تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم، ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير).
ويرد الله تبارك وتعالي كذلك علي من يزعم أن هناك تصرفات للأولياء بعد مماتهم فيقول سبحانه (ألا له الخلق والأمر)( أإله مع الله ) (لله ملك السموات والأرض).
ولقد حذر الله تبارك وتعالي خلقه من الاستغاثة بغيره سبحانه فقال (ولا تدع مع الله إلها آخر، لا إله إلا هو) وقال عز وجل (ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه، انه لا يفلح الكافرون) وقال جل وعلا(ذلك بأن الله هو الحق، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل، وأن الله هو العلي الكبير).
لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ومن العجب أن نجد أناسا يعرضون عن النور الذى جاء به ويعتقدون عكس ما دلت عليه شريعته الغراء وفى هؤلاء يقول ربنا (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) .
وأمر الله رسوله فى أكثر من موضع فى القرآن الكريم أن يبلغ هذه الفئة من الناس أنه وهو أحب خلق الله إلى الله لا يملك لنفسه هو فضلا عن غيره نفعا ولا ضرا ولا خيرا ولا رشدا (قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ) (قل إنى لا أملك لكم ضرا ولا رشدا) .
أيها المسلمون : إن حقيقة دين الإسلام أن يتجه المسلم بقلبه وروحه وعقله وكل خلجة من خلجات نفسه إلى مولاه الذى ماله من دونه من ولى (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) .
اللهم يا غياث المستغيثين ويا مجيب المضطرين اهدنا إلى الحق بإذنك آمين
رجب خليل