ركن المرأة المسلمة
جهاد النساء في الإسلام
بقلم : ماجدة محمد شحاته
للمرأة – بلا شك – وضعها الخاص في المجتمع الإسلامي، ولها مكانتها التي لا يستهان بها – والتي لا تبخس للمرأة حقاً – ولا تنقصها من إنسانيتها قدراً، بل إن المرأة المسلمة نازلة من مجتمعها منزلة تقدير وتوقير، فلا تهان لها كرامة، ولا يغمط لها حق، إذ أن الإسلام إنما ينظر إلي المرأة نظرة وعي لطبيعتها، ونظرة ادراك لحقيقة رسالتها، ونظرة فهم لمقتضيات خصائصها التي جبلت عليها. ومن ثم فإن للمرأة في المجتمع الإسلامي دورها المنوط بها – ولكن في حدود ذلك الاطار الذي حدده الإسلام، وفي نطاق ما رسمه الإسلام بحيث لا يتنافي قيامها بهذا الدور مع طبائعها وامكاناتها كأنثي تختلف بلا شك في خصائص التكوين والتركيب مع الرجل ومقومات رجولته.. وإلا كان الخروج بها عما تقتضيه أنوثتها، ولذاب ذلك الاختلاف البين بين كونية الأنوثة والذكورة. ومن ثم بخس المرأة قدرها، وامتهانها كرامتها، إذ أن تكريمها إنما يكون بعودتها إلي ما تمليه عليها خصائصها كأنثي، وإلا انقلبت الموازين رأساً علي عقب، وحينئذ لا يستثيرك العجب حين تصبح العصمة بيد النساء من غير سند أو أن تمتنع المرأة عن الحمل والرضاعة ناعية علي الرجال عجزهم عن ذلك، ولا مانع أيضاً – كما هو عليه الحال – أن تجد الرجل حبيس الدار يقوم علي ترتيب البيت وتنظيفه وإعداد الطعام منتظراً عودة زوجه من عملها، وأكثر من ذلك من الممكن حدوثه طالما أنه قد ترك للمرأة العنان، تتصرف كيفما تشاء، وبحسب ما تملي عليها الأهواء، لا تحكمها طبيعة أنثوية جبلت عليها، ولا تحكمها بصيرة من شريعة تحدد لها موضع تكريم واحترام لملكاتها. ومما لا شك فيه أن المقاييس قد انقلبت في عصرنا الحاضر، وأن ثمار الدعوة إلي تحرير المرأة وسفورها وتبرجها قد آتت أكلها منذ زمن بعيد، حيث توارثت النساء راية هذه الدعوة، فذهبن ينفثن في مجتمعنا المسلم سموم تحرر المرأة ومساواتها بالرجال في كل كبيرة وصغيرة، ولقد نسي الداعون والداعيات الي تلك المساواة – بل لقد تناسوا – التمرد علي خلق الله للنساء علي تلك الشاكلة المخالفة في تركيب الأعضاء للرجال، وربما يتداركون الأمر فيما بعد فيعلنون ذلك جهراً. ولا عجب فهم يطمحون إلي ما هو أبعد من ذلك ولا غرابة إذا ما حدث فهؤلاء إنما تسيرهم الأهواء. وهم من الدين في حل، ومن العقيدة في ارتياب، وهم من قبل ومن بعد محبون إشاعة الفاحشة في المجتمعات المسلمة، والعمل علي هدمها وانهيارها، حتى لا تقوم للإسلام قائمة، إذ أن مفتاح افساد المجتمع هو المرأة ، وما ترك رسول الله صلي الله عليه وسلم فتنة أضر من الرجال من النساء. والطريق إلا انحلال أي مجتمع إنما هو المرأة، وتاريخ الحضارات شاهد علي ذلك، فما تداعت الحضارة اليونانية مثلا إلا بخروج المرأة وطرقها الشوارع والدروب، ومرافقتها الرجال والسير إلي جانبهم علي قدم وساق، ومتي انتشرت النساء هنا وهناك يزاحمن الرجال ويحدق فيهن الرجال بأنظارهم انتشرت الفتنة لا محالة، وأفسدت علي الرجال أخلاقهم، ومتى تداعت الأخلاق في النفوس، فإن الأمم لا محالة ذاهبة وأن المجتمعات من غير شك متداعية، إذ لا سلطان للأخلاق علي النفوس، ولا مثلا طيبة يتعارف عليها الناس، ومن ثم تعود المجتمعات إلي حياة من الحيوانية واطلاق الرغائب والشهوات دون ضبط من حكمة التشريعات.
وما دام حال مجتمعاتنا قد أصبح علي شفا حفرة من ذلك المصير الأليم فلا شك أن الداعين والداعيات إلي تحرر المرأة قد فرحوا بما عم ديار الإسلام من سفور وتبرج، وانهيار للأخلاق والقيم الإسلامية.. وذلك منتهي غايتهم بالمرأة السافرة المتبرجة يتحقق كل هدف خبيث للنيل من الإسلام ، وإذلال أهله، وجعل المسلمين في انحطاط دائم وتخلف مستمر عن ركب القيادة والهيمنة.
ومن المؤسف له حقاً أن تنطلق ألسنة أعداء الإسلام من المسلمين والمسلمات بمحاولة الصاق دعواتهم الخبيثة بالإسلام، وذلك بمحاولة الاحتجاج لدعواتهم من واقع ما كانت عليه بعض النساء في العصور الأولي والزاهرة من حياة الإسلام . فقالوا بأن المرأة خرجت مشاركة رسول الله صلي الله عليه وسلم معاركه وغزواته ضد الشرك وأهله. وتلك قولة حق أريد بها باطل، فهم يريدون المرأة جندية بالمعني المتعارف عليه الآن، ويريدونها ضابطة شرطة بنفس المعني، وما أبعد مثل هذه المهن عن طبيعة المرأة ومقوماتها الأنثوية التي فطرت عليها.
ولدحض ما يريدونه من وراء تلك المقولة يجب أن نضع الاعتبار أولاً وقبل كل شئ أن المرأة في ذلك العهد الراشد في معاركه وحروبه لم تكن عاملاً أساسياً ترتكز عليه معارك المسلمين وغزوات رسول الله صلي الله عليه وسلم كما أن مشاركتها في الجهاد كانت مشاركة فردية وليست جماعية، وأنها لم تكن تخرج إلي تلك المشاركة إلا بأذن من رسول الله صلي الله عليه وسلم وبإلحاح منها (1)، كما يجب أن نضع في الاعتبار طبيعة تلك الم


