جناية المشوهين لجمال الإسلام
بقلم الشيخ : مصطفى درويش
(جان شارل) شاب فرنسي أسلم لله ، جاء بصحبة شاب مصري مسلم إلى مسجد السلام بشارع السودان ليصلي الجمعة ويقوم الشباب متطوعًا بترجمة خطبة الجمعة له إلى الفرنسية ، وبعد صلاة الجمعة جاءني يحكي قصة دخوله في الإسلام وكيف ساقه القدر إلى هذا المسجد ، وكانت كالآتي :
قالوا لي : إن كتاب المسلمين وهو القرآن يتكلم عن المسيح وعن دعوته ، وعن أمه ، فدفعني الفضول إلى معرفة ذلك ، فأخذت أبحث عن ترجمة لمعاني القرآن باللغة الفرنسية حتى وجدتُ ضالتي ، ولم أجد في القرآن سلسلة نسب للمسيح تبدأ بيوسف النجار ، فقلت : هذا حق ، ولماذا تبدأ بيوسف النجار ، وهو الذي ولد من غير أب ، بل لماذا يطلق على يوسف لفظ ( أبوه !!! ) وقلت : القرآن أصدق مما في أيدينا من كتب .
ووجدت المسيح في القرآن يتكلم في المهد يبرئ أمه ، وهذه أكبر تبرئة ليس لها في كتابنا مثيل . ووجدت المسيح في القرآن وجيهًا في الدنيا والآخرة ، وجاهة مفقودة في كتابنا الذي وصفه بأنه قد صار لعنة لأجلنا ، لأنه مكتوب ( ملعون من علق على خشبة ) ووجدت المسيح في القرآن يقول : ( وَبَرًّا بِوَالِدَتِي ) [ مريم 32] ، ووجدته في كتابنا يقول لأمه : ( إليك عني يا امرأة ) . ووجدت المسيح في القرآن يتكلم عن نفسه فيقول : ( وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ) [ مريم : 32] ، ووجدته في كتابنا يرفض مساعدة امرأة لأنها كنعانية وأنه جاء فحسب لخراف بني إسرائيل الضالة ، ويصف الشعوب الأخرى بالكلاب !!! ووجدته في كتابنا يصنع الخمر في حفلة عرس ، ووجدت القرآن يصف المسيح فيقول : ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ) [ مريم : 31] ، ووجدته في كتابنا يلعب به الشيطان ، فمرة يضعه على رأس جبل ، وأخرى يضعه على جناح الهيكل ، ووجدت القرآن يصفه فيقول : ( إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ ءَاتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) [ مريم : 30] ، ووجدته في كتابنا فردًا من ثلاثة اختلفوا في الشكل والصورة والعلم والإرادة والمشيئة والصلاح ، ثم يقال في النهاية : الثلاثة واحد !!! ولم أجد في القرآن شيئًا ينقص من قدر المسيح وأمه ودعوته التي كانت دائمًا عابدة إلهًا واحدًا ، وتلك دعوة إبراهيم وجميع ذريته من الأنبياء ، ووجدت قلبي يتفتح شيئًا فشيئًا أمام هذا النور المبهر الذي لا يقاوم ، وهذا هو الذي غير الشعوب وأسرع بها نحو الإسلام ، وهو شيء لا يملكه سيف مهما طال أمده … أيمكن للسيف أن يظل أثره أربعة عشر قرنًا من الزمان !!؟؟
وجاءني الشيطان يصرخ في خاطري : الإسلام دين تعدد الزوجات ، وهذه همجية وحيوانية ، فقلت : إن كتابي يذكر أن لإبراهيم سارة ، وهاجر ، ويعقوب كانت له أربع زوجات ، وداود ثلاث عشرة زوجة ، وسليمان مئات الزوجات ومئات السراري ، وأنبياء العهد القديم كانت لهم زوجات كثيرات ، وبارك الرب نسل هذا الزواج وجعله كنجوم السماء ، فهل يبارك الرب الهمجية والحيوانية ؟! فجاء الإسلام فاختصر ذلك كله إلى أربع ، ودعاهم إلى امرأة واحدة عند الخوف من الظلم ، ونحن في بلادنا رفضنا تعدد الزوجات ، ولكننا وقعنا في تعدد الخليلات والعشيقات ، بل وقعنا في التعدد ونحن لا ندري ، فأصبح الطلاق والزواج لعبة في أيدينا نغير الزوجة وتغيرنا تمامًا كتغيير السيارة .
وعلمت من القرآن أن المغفرة والتوبة لا تكون إلا إلى الله ، فلا تقديس لعبد أو مخلوق أو هيكل أو نُصُبٍ أو قبر أو تمثال أو مقصورة ، وهذا كان يعلمه رسول الإسلام لأصحابه ، فقد نهاهم أن ينحنوا له أو يُقبِّلُوا الأرض تحت أقدامه .
ووجدت الإسلام دينًا لا يحجر على العقل ، بل على العكس يريدك أن تفكر وأن تؤسس الدين على علم وبرهان ودليل ، ورفض أن يحتقر الدين فيكون جزءًا من تركة موروثة ، بل لابد من الدليل والبرهان واليقين لا التلقين .
وبصعوبة جمعت ثمن تذكرة السفر إلى القاهرة لألتقي بعلماء الأزهر بعد أن اتخذت قرارًا حاسمًا لا رجعة فيه ، وهو اعتناق الإسلام ، وفي القاهرة التقيت ببعض الأشخاص الذين لهم ملابس خاصة علمت أنهم رجال دين كما يطلق عليهم . وأخذ أحدهم بيدي وقال : تعالى إذن لزيارة الحسين . فقلت في نفسي : لا بأس ، وظننت أني في الطريق إلى عالم كبير من علماء الدين أتفقه على يديه ، ودخلت المسجد ، فوجدت مقصورة معدنية وهناك من يطوف بها ، وهناك من يمسك بها ويطلب ويبكي وهناك من يركع لها ، وهناك من يمسك بها ويسجد ، وقلت لمرافقي : ما هذا ؟ قال : هذا هو الحسين ، وهم يطلبون منه أن يوصلهم إلى الله ، فقلت : هل الله في دين الإسلام لا تصل إليه الطلبات إلا عن طريق هذه المقصورة المعدنية ؟! قال مرافقي : لا ، هو مجرد رسول إلى الله عن طريق الحسين . فقلت لمرافقي : لقد قرأت في القرآن : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ، وقرأت : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ


