الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

تحت راية التوحيد

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

تحت راية التوحيد
لفضيلة الشيخ عبد اللطيف محمد بدر
-12-
استمرار لاستعراضنا لبعض ما جاء في القرآن الكريم عند توسل الأنبياء لربهم إذا نزل بهم ضر أو رغبوا في نفع نرى أيوب عليه السلام حين ابتلاه اللَّه في نفسه وأهله وماله واشتد به البلاء لم يكن له وسيلة إلى اللَّه سبحانه وتعالى ليرفع عنه البلاء إلا اللجوء إليه ونداءه ورجاءه في كشف هذا البلاء قال اللَّه تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} [الأنبياء: 83،84].
وهذا ذو النون عليه السلام يونس بن متى: وقد غضب من قومه حيث لم يستجيبوا له وتعجل بفراقهم، فكان مما قدره اللَّه عليه أن ألقى به في البحر والتقمه الحوت وهم مليم، وأحاطت به الظلمات من كل جانب ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت، فما كان له من سبيل إلى النجاة إلا أن يلجأ إلى اللَّه وما كان له من وسيلة إلى اللَّه إلا نداؤه وذكره وتسبيحه كما حكى عنه القرآن الكريم: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء 87،88].
جاء في تفسير الجلالين ( وكذلك ) كما نجيناه ( ننجى المؤمنين ) من كربهم إذا استغاثوا بنا داعين.
وزكريا عليه السلام حين حرم من الذرية ورغب فيها، فما هى الوسيلة التى لجأ إليها لتتحقق رغبته؟ إنه لم يزد على أن نادى ربه نداء خفيا ورفع إليه حاجته وذكر له حالته وبثه ومخاوفه كما قال اللَّه تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 1-6]، فقال اللَّه له: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم: 7].
وكما قال جل شأنه: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 89،90].
وانظر إلى قول اللَّه تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} ومعنى ذلك أن وسائل القرب من اللَّه تعالى واستجابة الدعاء هى المسارعة في عمل الخيرات ودعاء اللَّه سبحانه رغبة فيما عنده ورهبة من عقابه، ودوام الخشوع له والخضوع لأمره ونهيه ولا وسيلة إليه جل شأنه إلا ذلك.
وماذا عن أشرف الخلق وحبيب الحق محمد صلى الله عليه وسلم من أرسله ربه رحمة للعالمين؟ إنه يبرأ من حوله وقوته إلى حول اللَّه وقوته. فيقول له ربه: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كنت أعلمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 188].
ويقول له: {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ} [الأنعام: 50].
وحين يحاصره المشركون في الغار وهم يطلبونه ولو نظروا إلى موضع أقدامهم لرأوه وصاحبه، ولكنه لجأ إلى حصن حصين وركن ركين يحتمى به، لجأ إلى اللَّه العزيز الحكيم إذ قال اللَّه تعالى: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40].
هكذا ( إن اللَّه معنا ) فلا حاجة بنا إلى غيره ولا حفيظ لنا سواه {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُ

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا