الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

تحت راية التوحيد

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

تحت راية التوحيد
لفضيلة الشيخ عبد اللطيف محمد بدر
– 11-

عرضنا في مقال سابق لبعض أمثلة من توسل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إلى ربهم عز وجل حينما يرغبون أو يرهبون كما جاءت في القرآن الكريم،وألمحنا إلى ما ورد عن آدم ونوح وإبراهيم عليهم السلام. وسنعرض اليوم ما جاء عن يعقوب عليه السلام حينما تآمر أبناؤه على أخيهم يوسف عليه السلام فألقوه في غيابة الجب {وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ . قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ . وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} فماذا كان من يعقوب عليه السلام؟ إنه استعان باللَّه على ما أصابه {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 16-18].
ولما حيل بينه وبين ابنه الثانى، وحجز بمصر عند يوسف عليه السلام توجه بالرجاء إلى اللَّه وحده أن يأتيه بأبنائه فقال: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف: 83].
وقد حقق اللَّه رجاءه وجمع اللَّه شتاتهم {فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ . وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف: 99،100].
وماذا كان عن يوسف عليه السلام إنه لما راودته امرأة العزيز الذى اشتراه من السيارة بعد أن أخرجوه من الجب وطلبته لنفسها استعاذ باللَّه من هذه الفاحشة فصرف اللَّه عنه السوء. قال تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ . وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 23،24].
ولما تآمر نسوة من المدينة عليه وأصرت امرأة العزيز على أن تقضى وطرها منه أو يسجن {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ . فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [يوسف: 33،34].
وكان نتيجة لاستعاذته باللَّه ودعائه إياه أن أخرجه اللَّه من السجن معززًا مكرمًا {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ . قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خزائنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ . وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ . ولأَجْرُُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} [يوسف: 54-57].
وقال متحدثًا بنعمة اللَّه عليه في الدنيا وراغبًا فيما عند اللَّه في الآخرة: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101].
فلم نر أن يعقوب عليه السلام توسل بأبيه إسحاق أو جده إبراهيم خليل الرحمن عليهما السلام في محنته، ولم نر أن يوسف وهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم توسل بواحد من آبائه الكرام عند اللَّه في تفريج كربته وتحقيق طلبته، وإنما توجه كل منهما لله مباشرة بالدعاء فاستجاب لهما وحقق لهما الرجاء. وهذا موسى عليه السلام لما توعده فرعون والذين آمنوا معه: {وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ . قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ . قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِ

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا