الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

بدعية الاحتفال بالمولد النبوى

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

بدعية الاحتفال بالمولد النبوي
كتبه / أبو بكر بن محمد بن الحنبلي
واعظ بأوقاف خورفكان – الشارقة –
الإمارات العربية المتحدة

الحمد للَّه وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، ثم أمَّا بعد :
إن الفتن في هذا الزمان تتابعت ، وتنوعت وتكاثرت ، فمنها الفاتن للجوارح ، ومنها الفاتن للقلوب ، ومنها الفتان للعقول والفهوم ، فاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك .
أولاً : البدعة في اللغة مأخوذة من البدع ، وهو الاختراع على غير مثال سابق ، ومنه قول تعالى : { بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } [ البقرة : 117 ] ؛ أي مخترعها على غير مثال سابق ، وقوله تعالى : { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ } [ الأحقاف : 9 ] ؛ أي ما كنت أول من جاء بالرسالة من اللَّه إلى العباد ، بل تقدمني كثير من الرسل .
ثانيـًا : البدعة في الشرع : ضابطها التعبد للَّه عز وجل بما لم يشرعه اللَّه ، ودليل ذلك قوله تعالى : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ } [ الشورى : 21 ] .
وأيضـًا البدعة في الشرع : التعبد للَّه بما ليس عليه النبي r ولا خلفاؤه الراشدون ، ودلالة ذلك حديث أبي نجيح العرباض بن سارية : (( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة ))( ) .
ثالثـًا : فكل من تعبد للَّه تعالى بشيء لم يشرعه اللَّه أو بشيء لم يكن عليه النبي r وخلفاؤه الراشدون فهو مبتدع ، سواء كان ذلك التعبد فيما يتعلق بأسماء اللَّه وصفاته ، أو فيما يتعلق بأحكامه وشرعه .
أما الأمور العادية : التي تتبع العادة والعرف ، فهذه لا تُسمى بدعة في الدين ، وإن كانت تسمى بدعة في اللغة ، لكن ليست بدعة في الدين ، وليست هي التي حذَّر منها رسول اللَّه r ، والبدع الدنيوية كثيرة جدًّا ، منها مثلاً في المباني والمساكن والفرش والكراسي ، وغيرها كثيرًا جدًّا .
وليس هناك بدعة حسنة في الدين ، ولكن يوجد سنة حسنة . فالسنة الحسنة : هي التي توافق الشرع ، وهذه تشمل أن يبدأ الإنسان بالسنة ، أو يحييها بعد إماتتها ، أو يفعل شيئـًا يسنّه يكون وسيلة لأمر متعبد به .
معنى الاحتفال : إظهار الفرح والسرور والتعظيم .
فاعلم – رحمني اللَّه وإياك – أن تعظيم النبي r وتوقيره والتأدب معه واتخاذه إمامـًا متبوعـًا ألا نتجاوز ما شرعه لنا ، وذلك لقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [ الحجرات : 1 ] ، ورسول اللَّه r تُوفي ولم يدع لأمته خيرًا إلا دلَّهم عليه وأمرهم به ، ولا شرًّا إلا وبينه لهم وحذرهم منه ، وعلى هذا فليس من حقنا ونحن نؤمن به إمامـًا متبوعـًا أن نتقدم بين يديه بالاحتفال بمولده أو بمبعثه ، والاحتفال يعني الفرح والسرور وإظهار التعظيم ، وكل هذا من العبادات المقربة إلى اللَّه ، فلا يجوز أن نشرع من العبادات إلا ما شرعه اللَّه ورسوله ، وعليه فالاحتفال به يعتبر من البدعة ، وقد قال النبي r : (( كل بدعة ضلالة )) . قال هذه الكلمة العامة ، وهو رسول اللَّه r أعلم الناس بما يقول ، وأفصح الناس بما ينطق ، وأنصح الناس فيما يرشد إليه ، وهذا أمر لا شك فيه ، لم يستثن النبي r من البدع شيئـًا لا يكون ضلالة ، ومعلوم أن الضلالة خلاف الهدى ، ولهذا روى النسائي آخر الحديث : (( وكل ضلالة في النار )) .
ولو كان الاحتفال بمولده r من الأمور المحبوبة إلى اللَّه ورسوله لكانت مشروعة ، ولو كانت مشروعة لكانت محفوظة ؛ لأن اللَّه تعالى تكفل بحفظ شريعته ، ولو كانت محفوظة ما تركها الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون لهم بإحسان وتابعوهم ، فلمَّا لم يفعلوا شيئـًا من ذلك عُلِمَ أنه ليس من دين اللَّه ، والمسلم يقرأ ويتعبد للَّه تعالى بقوله : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا } [ الحشر : 7 ] ، وبقوله تعالى : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى @ إِنْ هُوَ إِلاَ وَحْيٌ يُوحَى } [ النجم : 3، 4 ] ، وبقوله تعالى : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } [ آل عمران : 31 ] ، وبقوله تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ } [ الأحزاب : 21 ] ، وبقوله تعالى : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ } [ النساء : 59 ] .
ثم بعد ذلك يتلبس بما لم يَقُلْه الرسول r وبما لم يفعله ولا فعله أحد من أصحابه ، وهو أحب إليهم من أنفسهم وأموالهم وأولادهم ، لذا فإن اللَّه تعالى قال : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا