الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

باب السيرة

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

باب السيرة
دروس وعبد من قصة .. ابني آدم
بقلم محمد رزق ساطور رئيس فرع أنصار السنة بترعة غنيم

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله ومن والاه ، وبعد :
إن قصة ابني آدم فيها من العبر ، والفوائد الكثير ، ولذلك نريد أن نتعرف عليها في قوله تعالى : ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ ءَادَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ )
إلى قوله ( فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ) [سورة المائدة :27 – 31] هذه القصة تبين : آفات إبليس وانتقالها إلى ابن آدم الأول ، وقد ورث القاتل من الشيطان : الحسد ، والحقد ، والعداء ، والبغض والظلم ، وتبنى هذه المهلكات ، و أراد أن يفرغها على أخيه ، ونذكر الفوائد في هذه القصة مستعينين بالله :
أولاً : لما كان كل ذي نعمة محسود ، وكانت النبوة والرسالة من أعظم النعم ، وقد أوتي النبي صلي الله عليه وسلم هذه النعم ، فحسده اليهود ، ومكروا به ، وكادوا له ، فأخبر الله رسوله صلي الله عليه وسلم بخبر ابني آدم ، وأمره أن يتلوه عليهم ؛ ليعلموا عاقبة الحسد من : خسران وكفران ، حتى يرتدعوا ويرعووا ويتوبوا إلى الله رب العالمين ، ولا يتاجروا في الحسد ويبالغوا فيه ، حتى لا تسوء خاتمتهم وينقلبوا خاسئين خاسرين .
ثانيًا : لما ادَّعى اليهود والنصارى دعواهم الباطلة فقالوا : ( نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) [المائدة : 18] فأخبرهم أن هذه الدعوى لا تنفعهم مع كفرهم ، كما لم ينتفع ولد آدم عند معصيته ؛ بكون أبيه معظمًا عند الله .
فبدلاً من الدعاوى العريضة ، والأوهام الكاذبة عليهم أن يتوبوا إلى الله تعالى ، وإلا كان مصيرهم الندامة والحسرة ، مثل ابن آدم القاتل .
ثالثًا : في قوله تعالى : ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ ءَادَمَ بِالْحَقِّ ) .
لأن القرآن الكريم هو : الكتاب الحق أنزله الله بالحق : ( وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ )[الإسراء :105] وقال سبحانه : ( وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ )[البقرة :144] ، لأن أهل الكتاب تعود فريق منهم ، بل وأتقنوا كتم الحق ، قال سبحانه ( وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُون )[البقرة :146] ، حتى يعتبر أهل الكتاب بهذا القصص الحق ، فلا يحملوه على اللعب والباطل ؛ لأن القصص الحق هو : قصص القرآن ، كما قال سبحانه : ( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ )[آل عمران :62] ، وكما قال سبحانه 🙁 نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ )[الكهف :13] أما غير قصص القرآن فقد دخله الزيف والتحريف ، والكذب ، والبهتان ، لذلك دعي أهل الكتاب للحق حتى يؤمنوا به .
رابعًا : في قوله تعالى : ( إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا ) .
قال ابن قتيبة : (والقربان : ما تقرب به إلى الله تعالى من ذبح وغيره) . ، وذلك أن القاتل حين ضن بأخته على أخيه ، وأراد أن ينكحها ، فقال : فلنقرب قربانًا فأينا تقبل قربانه فهو أحق بها ، فقرب كل منهما قربانًا ، وكانت علامة القبول : أن تنزل نار من السماء تأكل القربان المتقبل ، قال ابن عباس : (كان الرجل يتصدق فإذا قبلت منه نزلت نار من السماء فأكلته ، وكانت نارًا لها دويٌّ وحفيف ، وقال عطاء : كان بنو إسرائيل يذبحون لله ، فيأخذون أطايب اللحم فيضعونها في وسط البيت تحت السماء فيقوم النبي في البيت ، ويناجي ربه فتنزل نار فتأخذ ذلك القربان ، فيخر النبي ساجدًا فيوحي الله إليه ما يشاء ) .
كما قال سبحانه عن اليهود:( الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )[آل عمران :183] .
فابنا آدم قربا قربانًا لله رب العالمين ، وهذا يدل : على حرمة القربان لغير الله .
خامسًا : في قوله تعالى : ( فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَر ) .
فالمسألة لا تتوقف في القربان على مجرد الأداء ، فرب مؤدٍ للقربات والطاعات ترد عليه أعماله ، كما قال سبحانه : ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا )[الفرقان : 23] ، وقال سبحانه : ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا(103)
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا