باب السنة
يقدمه
فضيلة الشيخ محمد على عبد الرحيم
الرئيس العام للجماعة
الحج ( 1 )
وجوب الحج على الفور لمن قدر عليه- حكم التكسب في الحج- الحج مرة في العمر- معنى الحج والعمرة- حكمهما- حكمة الحج- الحج عن الغير- حجة الصبى.
لمناسبة موسم الحج تعين أن يتناول باب السنة في المجلة، فريضة الحج التى هى أحد أركان الإسلام الخمسة. نقول وباللَّه نستعين:
أشهر الحج:
قال اللَّه تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} وهذه الأشهر هى شوال وذو القعدة والعشر الأولى من ذى الحجة- ويقتضى ذلك أنه لا يصح الإحرام بالحج إلا في هذه الأشهر. فلو أحرم الحاج قبلها لا ينعقد إحرامه. فعن ابن عباس قال: ( لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج ).
أما الإحرام بالعمرة فيصح في كل وقت لأن العمرة تؤدى في أى وقت من أوقات السنة.
وجوب الحج
قال اللَّه تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} فالحج فريضة على المستطيع. والاستطاعة توفير القدر اللازم من الزاد له ولأهله حتى يعود، وتوفير الراحلة. وهى التى تعرف حاليًا بوسائل النقل، جوًا أو بحرًا أو برًا، فمن استطاع وجحد الحج فقد كفر بأمر ربه، واللَّه غنى عنه وعن العالمين، وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد من رب العالمين، فمن ترك الحج عن قدرة، أو أدركه الموت دون أن يحج مات وقد باء بسخط من اللَّه وعذاب أليم.
وجوب الحج على الفور
يجب على من ملك مؤونة الحج، وقدر على وسائل المواصلات، أن يتعجل بالحج، لما روى عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ” تعجلوا بالحج فإن أحدكم لا يدرى ما يعرض له”. رواه أحمد. وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : ” من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض أو تضل الراحلة، أو تعرض الحاجة” رواه أحمد وابن ماجة.. ومعنى ذلك أن القادر على الحج،وجبت عليه المبادرة، لأنه لا يدرى المستقبل فقد ينزل به مرض يحبسه، أو يفقد نفقة المواصلات، أو تعرض له أعذار هامة تحول بينه وبين الحج، لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حكيمًا في الأمر بالتعجيل بالحج خشية أن يتعرض الإنسان لمثل هذه الموانع في المستقبل- ومن أجل ذلك وقف عمر بن الخطاب ممن لم يحج مع القدرة موقفًا حازمًا، فروى الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: لقد هممت أبعث رجلاً إلى هذه الأمصار فينظروا من كان له جدة ( أى غنى ) ولم يحج، فليضربوا عليه الجزية. ما هم بمسلمين , ما هم بمسلمين. رواه سعيد بن منصور في سننه.
فمن ذا الذى يستشعر مزايا هذا الركن العظيم من الإسلام، التى يقصها اللَّه علينا في كتابه العزيز، ثم يمتنع عن أدائه مع الاستطاعة، ويتأخر عن المبادرة إليه مع القدرة؟.
إنه بذلك يقترف أعظم الكبائر، ويعرض نفسه لأشد أنواع الخطر، إذ يخرجها من حظيرة المسلمين ( جاحدًا مستكبرًا ) ويدخل نفسه في زمرة الكافرين، لأن اللَّه تعالى يقول: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} أى ومن ترك الحج مع القدرة ثم مات ولم يؤده لقى ربه وهو عليه غضبان.
هل يجوز التكسب في الحج كالاتجار وغيره
يجوز للحاج أن يتكسب أثناء الحج في أى شيء مباح، على ألا يشغله عن أداء المناسك، وبإمكان الحاج أن يبتغى من فضل اللَّه كسقى الماء ونقله، ومزاولة البيع والشراء.
فعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: ( كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقًا في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم، فنزلت {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} في مواسم الحج ). رواه البخارى.
هل يجب الحج أكثر من مرة
فرض اللَّه الحج على كل مسلم قادر بالغ عاقل حر مرة في العمر فمن زاد فهو تطوع. فعن ابن عباس قال: خطبنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ” يا أيها الناس قد كتب عليكم الحج فحجوا” فقام الأقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يا رسول اللَّه؟ فقال: ” لو قلت نعم لوجبت. ولو وجبت لم تستطيعوا أن تعملوا بها. الحج مرة. فمن زاد فهو تطوع”. رواه أحمد والنسائي.
وعن أبى هريرة قال خطبنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ” يا أيها الناس قد فرض اللَّه عليكم الحج فحجوا”. فقال رجل: أكل عام يا رسول اللَّه؟. فسكت حتى قالها ثلاثا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” لو قلت نعم لوجبت. ولما استطعتم” رواه مسلم أحمد والنسائي.
معنى الحج والعمرة وحكمهما
الحج معناه القصد، وشرعًا أفعال مخصوصة تؤدى في مكة المكرمة في زمن مخصوص في أشهر الحج. والعمرة معناها الزيارة، وشرعًا أفعال مخصوصة تؤدى في أى وقت في بيت اللَّه الحرام.
وحكم الحج: فرض على المستطيع كما أسلفنا. وحكم العمرة سنة واجبة. لقوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ}.
حكمة الحج
1- تطهير النفوس من الذنوب


