باب السنة
يقدمه : فضيلة الشيخ محمد على عبد الرحيم
الرئيس العام للجماعة
حكم الإسلام فى الغناء والموسيقى
عن عبد الرحمن بن غنم ، قال حدثنى أبو مالك الأشعرى أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول ( ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر ” بكسر الحاء ” ، والحرير ، والخمر والمعازف ) أخرجه البخارى .
وفى لفظ ليشربن ناس من أمتي الخمر ، يسمونها بغير اسمها ، يعزف على رءوسهم بالمعازف والمغنيات ، يخسف الله بهم الأرض ، ويجعل منهم قردة وخنازير ( وذلك فى آخر الزمان ) واللفظ للبخاري أيضا .
تعريف بالرواة
1. عبد الرحمن بن غنم ( بضم الغين وسكون النون ) هو عبد الرحمن بن غنم الأشعرى ، كان ممن قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن فى السفينة ، وكان له شرف الصحبة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، أخذ عن عمر وعثمان ، وقال عنه فى تهذيب الكمال للعلامة الخزرجى ، روى له ابن حوشب ومكحول ، وعمير بن هانئ وخلق كثير . وقال عنه ابن عبد البر كان أفقه أهل الشام .
2. أبو مالك الأشعرى ، ويكنى أيضا بأبى عامر الأشعرى ، صحابى جليل قيل اسمه الحارث بن الحارث ، روى له جابر وعبد الرحمن بن غنم ، مات فى خلافة عمر رضى الله عنه . وله فى الصحاح سبعة وعشرون حديثا .
معانى المفردات
يستحلون الحر = بكسر الحاء – أى يستحلون الزنى .
المعازف = ما تعارف عليه أهل الهوى والغناء من آلات الطرب كالمزمار والعود والبيانو ونحو ذلك .
المعنى
تحريم الغناء والمعازف وارد فى الأحاديث الصحيحة ، التى أوضحت أن الحلال بين ، والحرام بين . ولكن مما يؤسف أن تفسح وسائل الإعلام صدرها لطائفة معينة من العلماء ، يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم ، فيعتدون على العلماء العاملين الذين يحقون الحق ، ويبطلون الباطل ، بأنهم ممن يدعون العلم . ولو درى أولئك أن الله رقيب عليهم ، ما كان شأنهم شأن من يعتمدون على وظائفهم الرسمية ، ضاربين بالنصوص الشرعية عرض الحائط.
ومما يلفت النظر ، كثرة إلحاحهم فى هذا العصر ، على تحليل ما حرم الله من الغناء والموسيقى . وقد أفردنا فى عدد ربيع الآخر 1408مقالا خاصا ، أوضحنا فيه ما يحل سماعه وما يحرم من الغناء .
وقد ورد للمجلة استفتاءات كثيرة من القراء الكرام ، لبيان الحكم الشرعي فى هذه القضية ، ومنهم من طلب إعادة ما سبق نشره فى المجلة ، ومنهم من لم يسبق له الاطلاع على ما نشر ، فطلب معرفة الحق من الباطل مما يذاع أو يشاهد ، أو ينشر فى الصحف .
وآخر ما وصل إلى علمنا أن واحدا من هؤلاء يعمل دائما على اتهام أهل السنة والجماعة بضحالة العلم ، ويجهر بذلك فى وسائل الإعلام ، فيقول بالحرف الواحد ( إن الذين يحرمون الغناء هم بعض من يدعون العلم ) ثم يؤكد قوله بالافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بأن الغناء حلال لأنه سنة ) وكأن قائله لم يقرأ الآية الكريمة ” وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَام ” ؟
هذه الفتاوى التى أباحت ما حرم الله ، أضاعت ثقة الناس فى مصدر هذه الفتاوى ، حيث بلبلت أفكارهم ، وجعلتهم حيارى بين مصدق ومكذب . وشريعة الله واضحة المعالم ، فالحلال ما أحله الله ورسوله ، والحرام ما حرمه الله ورسوله . وكل عبد يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذى لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى . وإليكم القول الفصل فى هذه القضية :
قال الله تعالى ” وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِين ” وتفسير أهل السنة والجماعة لهذه الآية : أى هم الذين أقبلوا على استماع الغناء والمزامير ، وما يلهى عن طاعة الله ، ويصد عن سبيله مما لا خير فيه ولا فائدة .
قال الزمخشرى : واللهو كل باطل يلهى عن الخير ، مثل السمر بالأساطير ونحوها ، وقال الطبري ، من اللهو التحدث بالخرافات ، المضحكة وفضول الكلام ( كما يشاهد فى التمثيليات فى هذه الأيام ) .
وروى ابن جرير عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه ، أنه سئل عن هذه الآية ، فقال : ( والله الذى لا إله إلا هو ” ثلاثا ” إنما هو الغناء ) فهل تعلو أقوال بعض علماء اليوم على قول ابن مسعود رضى الله عنه ، ويضربون بقوله عرض الحائط ، نظرا لغرابة الدين فى هذا العصر ، أو استيلاء البدع على العقول ، وأصبحت الفتاوى تصدر عن هوى ، وليس عن هدى الدين .
قال الحسن البصرى فى الآية ” وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ . . ” قال : نزلت هذه فى الغناء والمزامير .
وقال القرطبى : أما المزامير والأوتار فلا خلاف فى تحريم سماعها ، ولم أسمع من أحد ممن يعتبر من أئمة أهل السنة والجماعة من يبيح ذلك . وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق ، ويهيج الشهوات والمجون ، وما كان كذلك لم يشك ف


