العالم الإسلامي
اليهود وجزيرة حنيش بين إريتريا واليمن
إعداد جمال سعد حاتم
في خطوة تصعيدية غير مسبوقة قامت إريتريا باحتلال جزيرة حنيش الكبرى اليمنية والواقعة بالمدخل الجنوبي للبحر الأحمر ، ونظرًا لما تمثله هذه الجزيرة مع الجزر الأخرى ؛ وذلك للأهمية الإستراتيجية التي تمثلها هذه الجزر والتي تبلغ 41 جزيرة عند مدخل البحر الأحمر ليس فقط على الأمن القومي اليمني ، بل أيضًا بالنسبة للأمن القومي العربي على وجه العموم وخاصة : مصر والسودان والسعودية ، فقد ثبتت الأهمية الحيوية لمدخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب بصورة واضحة خلال حرب أكتوبر 1973 م الأمر الذي يجعل من الخطوة الإريترية تهديدًا مباشرًا بكل ما تمثله على الدول الإسلامية والمجاورة .
وإذا نظرنا بعين التعجب والاستغراب للموقف الإريتري الذي تناسى في ظل التغلغل الصهيوني في إريتريا المواقف والمساعدات التي قدمت لشعب إريتريا من دول الجوار التي وقفت مع شعب إريتريا بكل قوة حتى نال استقلاله ، وكانت اليمن ومصر والسودان من أوائل الدول التي ساندت شعب إريتريا حتى حصل على استقلاله قبل أكثر من أربعة أعوام .
أفورقي والدعم الأمني لإسرائيل
ولا يخفى العلاقات المتشابكة للرئيس الإريتري ( أفورقي ) مع اليهود ، وطموحات ( أفورقي ) التي تجاوزت الحدود وبدأت تثير العديد من المشاكل مع دول الجوار العربية بدأها بإقامة علاقات وطيدة مع إسرائيل ، وتقديم الدعم الأمني لها ، حيث يتردد أنه قام بتأجير جزيرة (دهلك) في مدخل البحر الأحمر ، وإقامة محطات إنذار ورصد بهذه الجزيرة ، علاوة على أوجه التعاون الأخرى الظاهرة والخفية ، والتي حرص ( أفورقي ) على تأكيدها مع إسرائيل ، ورغم حداثة الاستقلال ، إلا أن أسمرا تهدف إلى قيادة منطقة ( القرن الإفريقي ) والسيطرة على مدخل البحر الأحمر ، والالتفات إلى حقيقة العلاقة التي تربط أسمرا بتل أبيب ، لا سيما في ظل الترتيبات الإقليمية الجارية في منطقة الشرق الأوسط ، والأهداف الإسرائيلية من وراء هذه الترتيبات ، وخاصة وأن كل الدلائل تشير إلى الأيادي الخفية لليهود في الأحداث الأخيرة .
حنيش … والتحكم في باب المندب
والصراع الذي تفجر في الأيام الأخيرة بين اليمن وإريتريا ، والذي كان نتيجة احتلال إريتريا لجزيرة حنيش الكبرى اليمنية صراع إستراتيجي ، حقيقته أنه صراع على التحكم في باب المندب ، أو باب الدموع كما كان يسميه القراصنة القدامي ، فالبحر الأحمر به عشرات من الجزر الكبيرة والصغيرة ، بعضها مهجور ، وبعضها مسكون ، بعضها صخري ، وبعضها به ماء عذب ، تمتلك اليمن منه حوالي 80 % من هذه الجزر ، منها : حنيش الكبرى ، وحنيش الصغرى ، وزقر .
ومجموعة الجزر اليمنية التي لها علاقة بما يحدث الآن قريبة من الساحل اليمني ، أكبرها جزيرة زقر التي يبلغ ارتفاعها في الشمال 624 قدمًا ، وفي الجزيرة يوجد أضخم ميناء في البحر الأحمر ، ووجود جزيرة حنيش الكبرى قريبة من خطوط مرور السفن ، وبارتفاعها الكبير يجعلها تتحكم في المرور البري في البحر الأحمر تمامًا ، وأثناء حرب الاستقلال التي خاضتها إريتريا ضد الحبشة سمحت اليمن لإريتريا باستخدام بعض جزرها ، ومن ضمنها حنيش الكبرى وحنيش الصغرى .
وعلى أي حال فالنزاع الحالي نزاع محدود – وقد ينتهي في وقت قريب – ولا نظن أن الأمر الواقع الحالي الذي فرضته إريتريا بالقوة سوف يتعدل إلا بالقوة إذا توافرت لدى اليمن ، وخطوة إرتيريا التي أقدمت عليها باحتلالها لتلك الجزيرة هي رسالة لها معناها ، فاستيلاؤها على الجزيرة الكبيرة المتحكمة في باب المندب هو عمل يقف وراءه اليهود ، برغم نفي إسرائيل لذلك ، والأحداث بين اليمن وإريتريا كدولتين مسلمتين تجعلنا في شغف للتعرف على الدولة الإريترية الوليدة .
المسلمون في إريتريا
اشتق اسمها من الاسم القديم للبحر الأحمر ( فينوس إرتريوس ) ، وعُرفت في العصور الوسطى باسم : ( ميدوي بحري ) أي : البلاد المطلة على البحر ، وسمي حاكمها : ( بحر نجش ) أي : ملك الإقليم المطل على البحر ، وعرفت حتى عهد قريب ببلاد ( البوغوص ) ، وأطلق عليها اسم ( ميدري الجالي ) أي : أرض الأحرار ، وقد ظلت لإريتريا شخصيتها المستقلة عبر مختلف العصور ، تسيطر الحبشة على الأراضي الإريترية إلا في فترات نادرة في حالة ضعفها وفي غفلة من الزمن .
الموقع : تحدها السودان من الشمال الغربي والشمال ، وإثيوبيا من الغرب ، وعفار وعيسى ( جيبوتي ) من الجنوب ، وتطل من الشرق على البحر الأحمر بساحل يبلغ طوله حوالي 1000 كيلو متر ، وتصل في الجنوب إلى قرب باب المندب ، أي أنها في مواجهة دولتين من دول الجزيرة العربية ، حيث اليمن ، وقسمًا من الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية .
الأرض : تبلغ مساحة إريتريا حوالي ( 117.400) كيلو متر مربع ، وتبدأ أراضيها بسهول ساحلية تطل على البحر الأحمر ، تضيق في الشمال ، وتتسع في الج


