الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

المناهج غير القرآنية

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

المناهج غير القرآنية
كما يزيفها كتاب ( مناهج الأدلة في عقائد الملة ) لابن رشد
بقلم الدكتور / إبراهيم إبراهيم هلال
وابن رشد وإن كان ابن تيمية قد رأى فيه تعظيمًا للفلسفة لم يفعل به كما فعل بالفارابى وابن سينا والغزالي ولم يخرجه عن متمسك بالكتاب والسنة وبمنهجهما في العقيدة والشريعة.
وموضوع هذا الكتاب كما يشير إلى ذلك عنوانه، هو تقديم المنهج الصحيح للاستدلال على وجود اللَّه سبحانه، وعلى صفاته، وعلى إرسال رسله وما جرى على أيديهم من آيات ومعجزات كما جاء ذلك في القرآن الكريم.
وقد جاء ابن رشد إلى الوجود في القرن السادس الهجري، فرأى علماء الكلام والصوفية قد اتخذوا طرائق قددا في الاستدلال على وجود اللَّه وفيما يتصل بصفاته وأنبيائه ورسله، وكلها تقوم على الجدل الذي يراد لذاته، فلم يكن من الممكن أن تصل بالإنسان إلى الاقتناع، وذلك لأنها خرجت على منهج القرآن الكريم، ذلك المنهج الذي جاء يستخدم فطرة الناس ومشاهداتهم في الاستدلال على ما جاء به، وذلك كما جاء في قوله تعالى: {أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي، وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج، تبصرة وذكرى لكل عبد منيب…..} إلى آخر الآيات من سورة ق: 6-11، فهو منهج كما يصفه ابن رشد قد اشتملت أدلته على وصفين: ( أحدهما أنها أدلة يقينية، والثانى أنها بسيطة غير مركبة، أي قليلة المقدمات فنتائجها قريبة من المقدمات الأول، ولذلك كانت منتجة ويقينية ) ص 149.
ثم يفصل سر إنتاج هذه الأدلة وكونها يقينية فيقول: ( فهذه الطرق هي الصراط المستقيم التي دعا اللَّه الناس منها إلى معرفة وجوده، ونبههم على ذلك بما جعل في فطرهم من إدراك هذا المعنى ) وإلى هذه النظرة الأولى المغروزة في طباع البشر الإشارة بقوله تعالى: {وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل، وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون} [الأعراف: 172،173]. ولهذا قد يجيب على هذا من كان وكده طاعة اللَّه في الإيمان به، وامتثال ما جاءت به رسله، أن يسلك هذه الطريقة، حتى يكون من العلماء الذين يشهدون لله بالربوبية مع شهادته لنفسه، وشهادة ملائكته له.
ثم يبين أن طريقة القرآن الكريم هذه، لما اشتملت عليه، من مخاطبة الفطرة في النفوس وتوجيهها إلى المشاهد الحسية التي خلقها اللَّه {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولون اللَّه} [لقمان: 25]، وما صادفها في الحياة من تجارب ونظم كونية، وما أودع في هذه النفوس من هبة البصر، والسمع والنظر،والقدرة على التمييز،والموازنة والاستنتاج. يبين من ذلك كله أن منهج القرآن في دعوة الناس إلى الإيمان، واقتناعهم بما يدعوهم إليه، هو المنهج المقنع للإنسان بما هو إنسان، والبشرية كلها عامتها وخاصتها فيقول: ( وتبين أن هذه الطريقة هي الطريقة التي جمعت بين إقناع الخواص- وأعنى بالخواص العلماء- وبين إقناع الجمهور وإنما الاختلاف بين المعرفتين في التفصيل أعني أن الجمهور يقتصرون من معرفة هذه الأدلة على ما هو مدرك بالمعرفة الأولى المبنية على الحس، وأما العلماء فيزيدون على ما يدرك من هذه الأشياء بالحس، ما يدرك بالبرهان..، حتى لقد قال بعض العلماء: أن الذي أدركه العلماء من معرفة أعضاء الإنسان والحيوان، هو قريب من كذا وكذا آلاف منفعة. وإذا كان هذا هكذا فهذه الطريقة الشرعية والطبيعية، وهي التي جاءت بها الرسل ونزلت بها الكتب. والعلماء ليس يفضلون الجمهور في هذين الاستدلالين من قبل الكثرة فقط، بل ومن قبل التعمق في معرفة الشيء الواحد نفسه ).
وفي بيان الإشباع العلمي والفكري للعلماء، والذي تشمل عليه هذه الأدلة القرآنية يقول: ( فإن مثال الجمهور في النظر إلى الموجودات أي التي أوجدها اللَّه سبحانه مثالهم في النظر إلى المصنوعات مصنوعات البشر التي ليس عندهم العلم بصنعتها، فإنهم إنما يعرفون من أمرها أنها مصنوعة فقط وأن لها صانعًا موجودًا. ومثال العلماء في ذلك مثال من نظر إلى المصنوعات التي عندهم علم ببعض صناعتها، وبوجه الحكمة فيها. ولا شك أن من حاله من العلم بالمصنوعات هذه الحال فهو أعلم بالصانع من جهة ما هو صانع، من الذي لا يعرف من تلك المصنوعات إلا أنها مصنوعة فقط ) ص 155.
وفي هذا من جانب ابن رشد إيضاح لما يشتمل عليه القرآن الكريم أو تشتمل عليه الأدلة القرآنية من صلاحية للإقناع، لكل إنسان على مدى الدهر، ومدى تطور العلم. للقدامى البدويين والمحدثين من العلماء والمتعلمين.
ولذلك كان هذا الكتاب ( مناهج الأدلة في عقائد الملة ) قاطعًا الطريق على علم الكلام وعلى المتكلمين أن يستمروا في جدلهم، وأقيستهم المنطقية التي أخذوها عن اليونان، وعن مناهج غير منهج القرآن، والتى بعدت في إقناعها عن

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا