باب العقيدة
الغلو والتطرف في الفرق الإسلامية 3- مجمل عقائد الشيعة وأضاليلها عقيدة الظاهر والباطن
أ . د سعيد مراد
التوحيد الخالص يمثل العقيدة الصحيحة التي حرصت رسالات السماء على توكيدها والدعوة إليها . ومنذ اللحظة الأولى للوجود الإنساني .. أقر الإنسان بربوبية الخالق الأعظم وإفراد الحق بالوحدانية والصمدانية ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي ءَادَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ) [ الأعراف : 172] .
لذلك فالوحدانية جوهر المعتقد الصحيح ، وقاعدة الإيمان الأصيلة ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) [ البقرة : 163] وأي خروج أو انحراف عن ذلك مرفوض وغير مقبول ( وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) [ النساء : 171] .
وجاء الإسلام مصححًا تلك العقيدة التي انحرف بها أهل الأهواء ينذر ويحذر هؤلاء الذين ضلوا عن سبيل الله ، واستهوت أنفسهم الشياطين ( هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) [ إبراهيم : 52] وقد وقف محمد بن عبد الله صاحب الرسالة التامة الخاتمة يصدع بالحق ، ويأمر بالصدق ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) [ ص : 65] .
ونحن على ذلك من الشاهدين ، وبه مبلغين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نخضع كل قول ، ونحكم على كل فكر بهذا المعيار الواضح الدقيق . فالقول المقبول ، والفكر الصحيح ما يوافق تلك العقيدة نصًّا وروحًا بلا تأويل أو تعطيل .. وكل ما خالف ذلك فهو باطل الأباطيل ، واتباع للهوى .. حيث قد أمرنا باتباع العقيدة الصحيحة .
وثبت بالدليل النقلي والدليل العقلي أن ما جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم هو الحق المطاع ، والقول المتبع . لأنه أمر الله الملزم للطاعة ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ) [ التوبة : 31] ، لكل ما سبق سنخضع تلك الفرقة وعقائدها لذلك المعيار ثم نحكم على أقوالهم بالحق أو بالباطل .
استنادًا إلى عقيدة سلفنا الصالح أهل السنة والجماعة .
وسيكون منهجنا الذي نلتزم به عرض أقوالهم كما وردت في كتبهم ، وليس كما وردت في كتب خصومهم وذلك إعمالاً للموضوعية في عرض الآراء والحكم عليها .
أصل العقيدة والأصول الجامعة لها :
العقيدة الأساسية الجامعة لفرق الشيعة خاصة فرقة الإسماعيلية تترسخ في حقائق ثابتة هي :
1- العبادة العملية ( أي : علم الظاهر ) وهو ما يتصل بفرائض الدين وأركانه .
2- العبادة العلمية ( أي : علم الباطن ) من تأويل ، ومثل عليا للتنظيمات الاجتماعية ، ومثل عليا للإرادة السياسية . وكل هذه النقاط تعتبر من صميم العقائد ، تتداخل مع بعضها تداخلاً كليًّا ، وتعتمد كل واحدة على الأخرى ، فهم يقولون بالظاهر والباطن معًا ، وذهبوا إلى تكفير من اعتقد بالباطن دون الظاهر أو بالظاهر دون الباطن (1) .
واستنادًا إلى قولهم بوجوب التأويل للوقوف على حقائق التنزيل حيث قد حكى عن جعفر بن محمد أنه قال : ( كتاب الله على أربعة أشياء : العبارة والإشارة واللطائف والحقائق : فالعبارة للعوام والإشارة للخواص واللطائف للأولياء والحقائق للأنبياء ) (2) .
أوجدوا بناء على ذلك نظرية ( المثل والممثول ) أي : الباطن والظاهر وسموا الباطن ممثولاً والظاهر مثلاً . وفي ذلك قال داعي الدعاة المؤيد في الدين ( أحد أعلام الإسماعيلية ) ( خلق الله أمثالاً وممثولات ، فجسم الإنسان مثل ، ونفسه ممثول ، والدنيا مثل والآخرة ممثول ، إن هذه الأعلام التي خلقها الله تعالى ، وجعل قوام الحياة بها من الشمس والقمر والنجوم لها ذوات قائمة يحل منها محل المثل ، وأن قواها الباطنة التي تؤثر في المصنوعات هي ممثول تلك الأمثال ) وقال أيضًا : ( معشر المؤمنين . إن الله تعالى ضرب لكم الأمثال جملاً وتفصيلاً ، ولم يستح من صغر المثال إذا بين به ممثولاً وجعل ظاهر القرآن على باطنه دليلاً ) (3) .
وقد دفعت هذه النظرية غالبية دعاة الشيعة في تقديم الغاية من تأليف كتبهم الأخذ بيد المستجيبين إلى الحقائق الباطنة حيث إن الوقوف عند الظاهر نقص ، وتعطيل ، وكفر . يقول شهاب الدين أبو فراس : ( إن الذي دفعني لتصنيف هذه الرسالة المباركة ما رأيته من ميل أبناء الدعوة الهادية إلى التمسك بظاهر العقيدة دون باطنها ، ودراسة فروعها دون أصولها ، وقد يموت أكثرهم وهم على غير معرفة بالحقيقة ) (4) .
وقد جعلوا الوقوف عند الظاهر كالإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه الآخر ، فعلى المستجيب أن يجمع بين الظاهر والباطن من العلوم ، يقول داعي الد


