الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

(السيدة فاطمة الزهراء)

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

السيدة فاطمة الزهراء – رضوان الله عليها – مجاهدةً وعابدةً

أولاً : نسبها الطاهر الشريف :
شاء القدر الكريم أن تنتسب السيدة فاطمة الزهراء – رضوان الله عليها – إلى أصلين كريمين ، ومنبتين شريفين ، فالوالد هو خير خلق الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء هداية وإرشادًا ورحمة للخلق أجمعين ، وأما الوالدة فهي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد – رضوان الله عليها – أول من تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ، زوَّجه إياها أبوها خويلد بن أسد ، وقال أخوها عمرو بن خويلد : وأصدقها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين بقرة ، ولقد ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولده كلهم إلا إبراهيم .
ولقد كان زواجه صلى الله عليه وسلم منها بعد قدومه من الشام ، وكان سِنّه – عليه السلام – حينئذ إحدى وعشرين سنة ، وكانت خديجة – رضوان الله عليها – تدعى بين قومها بالطاهرة لشدة عفافها وصيانتها ، وفي فضلها روى الإمامان البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : ( أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : هذه خديخة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب ، ولا نصب ) .
ولقد كانت – رضوان الله عليها – غنية اليد والنفس وكانت نعم السند والمعين لزوجها في الشدائد والملمات فهي التي كانت تواسيه دائمًا وتقول له : ( والله لا يخزيك الله أبدًا ، فإن لتصل الرحم ، وتحمل الكلَّ ، وتكسب المعدوم ، وتُقْرِى الضيف ، وتعين على نوائب الحق ) .
فهذه الصفات وغيرها كانت ميراثًا طاهرًا ورثته السيدة فاطمة من أبويها الكريمين .
ثانيًا : مولدها ونشأتها :
تظاهرت الروايات على أن الزهراء – رضوان الله عليها – وقد ولدت في سنة بناء الكعبة ، قبل البعثة النبوية ببضع سنوات ، وكانت هي وأختها أم كلثوم أصغر بنات الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد اختلف في أيتهن أصغر سنًّا .
ولقد نشأت السيدة فاطمة – رضي الله عنها – في بيت كله إيمان وعلم وعمل . في بيت يذكر فيه اسم الله – عز وجل – آناء الليل وأطراف النهار ، فتعلمت في هذا البيت مواجهة الشدائد بقلب صابر ، ونفس راضية ، كما تعلمت الإيمان وحب الجهاد ، ولا عجب بعد ذلك أن نجدها تشارك في معارك الإسلام الكبرى ، فقد كانت تحمل الطعام والشراب على ظهرها وتسقي الجرحى وتداويهم ، فضربت بذلك مثلاً رائعًا للفتاة المسلمة العابدة المجاهدة .
ثالثًا : فضلها وشرفها :
كانت فاطمة – رضي الله عنها – تتشبه بأبيها في خُلُقه وسمته ، تقول أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – : ( أقبلت فاطمة تمشي مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : ( مرحبًا يا بنتي ) ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم أسر إليها حديثًا فبكت ، ثم أسر إليها حديثًا فضحكت . فقلت : ما رأيت كاليوم فرحًا أقرب من حزن ! فسألتها عما قال ، فقالت : ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قُبض سألتها ، فأخبرتني أنه أسر إليها فقال : ( إن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة ، وأنه عارضني هذا العام مرتين ، وما أراه إلا وقد حضر أجلي ، وإنك أول أهلي لحوقًا بي ، ونعم السلف أنا لك ) ، فبكيت ، فقال : ( ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين ) ، فضحكت ، ولقد كان صلى الله عليه وسلم من دأبه أنه إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ، ثم يثني بفاطمة ، ثم يأتي أزواجه ، وهو الذي قال فيها : ( أحب أهلي إليَّ فاطمة ) ، ومما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا كان يوم القيامة نادى مناد من وراء الحجب : يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمد حتى تمر ) .
رابعًا : آفة بعض المسلمين المغالاة في حب آل البيت :
إذا كنا قد علمنا ما لفاطمة – رضي الله عنها – من فضل وشرف ، ومكانة سامية سامقة ، هذه المكانة التي يجب أن نحفظها لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعًا .
فإن المغالاة والتطرف في هذا الحب قد يفسد العقيدة الصحيحة في الله ، فلقد غالى بعض الشيعة بزعموا أن الله قد حل في خمسة : النبي ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، وأن هؤلاء الخمسة آلهة ولها أضداد خمسة .
( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ) [ الكهف : 5] ، ولقد حاول بعضهم تأول بعض آي القرآن الكريم ، وتحميلها ما لا تحتمله ، فأخصوا ما كان عامًّا ، وأحكموا ما كان متشابهًا ، من أمثلة ذلك ما أوردوه في تأويل قوله تعالى – : (إنما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) [ الأحزاب : 33] قالوا : إنها نزلت في فاطمة والحسن والحسين فقط ، فقابل بعضهم هذا التعصب بتعصب آخر فقالوا : إنها نزلت في بني هاشم وأن المراد بيت النسب ، فيكون العباس وأعمامه وبنو أعمامه

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا